مشاركة

السيد الرئيس،

نشكركم على عقد هذا الاجتماع الهام حول جريمة الإتجار بالبشر، والتي تعد أكثر الجرائم المنظمة العابرة للحدود انتشاراً وتتطلب تضافر الجهود الوطنية والدولية للتصدي لها. ونرى هنا بأن خطة العمل العالمية للأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالأشخاص تمثل أداة هامة لتوحيد الجهود العالمية في هذا الصدد.

وفي ظل هذا الواقع الخطير، تولي دولة الإمارات أهمية كبيرة لمنع ومكافحة هذه الجريمة، وذلك عبر انشاءها في عام 2007 آلية وطنية وهي “اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر”، والتي تعمل على تنفيذ العديد من الإجراءات والبرامج في هذا المجال.

وفي سياق مناقشتنا اليوم، نود تسليط الضوء على ثلاث مجالات نرى أنها ضرورية لمكافحة هذه المسألة وهي أيضاً جزء من استراتيجيتنا الوطنية:

أولاً: التركيز على الوقاية والمنع، باعتبارهما أكثر الوسائل فعالية لمكافحة الاتجار بالبشر. وقد أطلقنا في دولة الإمارات العديد من برامج وحملات التوعية، لتعريف الأفراد بمخاطر جريمة الاتجار بالبشر وأساليب الحماية منها وسبل الإبلاغ عنها، بالإضافة إلى تقديم محاضرات وتوزيع منشوارت على جهات انفاذ القانون وموظفي منافذ الدولة، والعمالة الوافدة والمراكز الدينية. ومع تسبب جائحة كوفيد-19 في زيادة خطر انتشار هذه الجريمة حول العالم، كثفت بلادي من جهودها في هذا الاتجاه عبر وضع خطط احترازية تقوم على مجموعة من التدابير والإجراءات لحماية الضحايا.

ومن منطلق حرص بلادي على بناء القدرات وتبادل أفضل الممارسات، أطلقت اللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر برنامج اختصاصي لمكافحة الاتجار بالبشر وهو برنامج مهني تخصصي يعتبر الأول على مستوى المنطقة يعنى بالمعالجة العلمية والحصرية لجريمة الإتجار بالبشر، ويساهم في مساعدة الافراد المختصين على المستويين الوطني والإقليمي على كسب المهارات اللازمة في مجال البحث والتحري وتعلم أفضل الوسائل المعمول بها لكشف جرائم الاتجار بالبشر.

ثانياً: توفير الحماية القانونية والاجتماعية للضحايا واتباع نهج يركز عليهم. وفي هذا السياق، تعد دولة الإمارات من أوائل الدول في المنطقة التي أصدرت تشريع لتجريم الاتجار بالبشر وهو القانون الاتحادي رقم (51) لعام 2006 وتعديلاته. كما تواصل دولة الإمارات استعراض وتحديث قوانينها لتخدم مصالح الضحايا بأفضل طريقة ممكنة.

وبالتوازي مع هذه الجهود، تسعى بلادي إلى دعم ضحايا الاتجار بالبشر في كافة المراحل، لاسيما عبر توفير الرعاية الصحية الشاملة لهم ومساعدتهم على تحقيق الاستقرار النفسي. وتوجد في بلادي مراكز ومؤسسات لرعاية وإيواء الضحايا ومنها “مركز أبوظبي للإيواء والرعاية الإنسانية”، فضلاً عن إنشاء صندوق لدعم هؤلاء الضحايا.

ثالثاً: تعزيز التعاون الدولي. مما لاشك فيه، فإن جريمة الإتجار بالبشر تعد من أبشع الجرائم انتهاكاً للكرامة الإنسانية وأحد أبرز التحديات العالمية .وإيماناً من حكومة بلادي بضرورة التزام دول العالم بالعمل معاً لتحقيق التزاماتها الدولية لمحاربة هذه الجريمة، وقعت دولة الإمارات عدداً من مذكرات التفاهم مع الدول الصديقة في مجال التعاون لمكافحة هذه الجريمة وحماية الضحايا، وعززت من التعاون أيضاً مع الدول المصدرة للعمالة، وأنشأت مبادرة “حوار أبوظبي” وهي آلية تشاورية لتنظيم الحوار بين الدول المرسلة والدول المستقبلة للعمالة في قارة آسيا.

وأود أن أؤكد ختاماً على التزام دولة الإمارات وعزمها مواصلة إطلاق مبادرات تهدف الى القضاء كلياً على جريمة الاتجار بالبشر، بما في ذلك عبر التعاون المتعدد الأطراف، والعمل بشكل وثيق مع أعضاء مجلس حقوق الإنسان خلال عضويتنا والتي ستبدأ في يناير 2022، وكذلك من خلال دعم جهود مجموعة أصدقاء متحدون ضد الاتجار بالبشر التي تعد بلادي عضواً فيها.