مشاركة

تلقيه السيدة أميرة الحفيتي، نائبة المندوبة الدائمة

السيد الرئيس،

نشكُركم على عقد هذه الجلسةِ الهامة للاحتفاء باليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا، مع تقديرنا لجهود باكستان بالنيابة عن منظمةِ التعاون الإسلامي والتي أدت إلى اعتمادِ القرارِ المتعلق بإعلانِ هذا اليوم.

السيد الرئيس،

أكدت الأحداثُ التي شَهِدناها مؤخراً، من أعمال تدنيسٍ علنيةٍ للقرآن الكريم على ضرورةِ مواجهةِ نَزْعاتِ التعصبِ والكراهية ضد المسلمين وتَجَنُّبِ المزيدِ من الاستقطابِ في وقتٍ يواجهُ فيه العالمُ تحدياتٍ مشتركة.  فهذه الممارساتُ البغيضة، التي تُدينها بلادي ومنظمة التعاون الإسلامي، ليست بحوادثَ منفصلة أو فردية، بل هي أحد صور الإسلاموفوبيا التي تواصل الانتشارَ حول العالم، وتؤثرُ بشكلٍ كبيرٍ على حياةِ المسلمينَ فضلاً عن تداعِياتِها على السلم والأمن.

وأود هنا أن أؤكد على أن السماحَ بانتشارِ الإسلاموفوبيا في إطارِ حريةِ التعبير هو أمرٌ غير مقبولٍ بتاتاً، فقد أجمعت كافةُ الدولِ الأعضاء على إعلانِ يومٍ دولي لمكافحة الإسلاموفوبيا كونها تمثلُ تهديداً عالمياً، الأمر الذي يُحتمُ على المجتمعِ الدولي رفض مثل هذه الأعمال وإدانتِها والحيلولة دون تكرارها لانتهاكِها حريةَ الدين والمعتقد.

كما يتطلب القضاء على الإسلاموفوبيا اتخاذ إجراءاتٍ محددة على مختلفِ المستويات. وأود في هذا السياق التأكيد على ثلاث عناصر:

أولاً، يبقى ترسيخُ قيمِ الأخوة الإنسانية، كالتسامحِ والتعايشِ السلمي، جوهرياً لمكافحة الإسلاموفوبيا وبناءِ مجتمعاتٍ مستقرةٍ وسلمية، وهذا من واقع تجربة بلادي، التي جعلت من هذه القيم حجر الأساسِ لبناء الدولة، فكانت النتيجةُ أن تعيش معاً أكثرَ من مئتي جنسيةٍ في دولة الإمارات في بيئةٍ يسودُها السلامُ والاستقرار. كما اتخذنا العديدَ من الخطواتِ العمليةِ لترجمةِ هذه القيم إلى واقعٍ ومنها إتاحة ممارسةِ مختلف الشعائر الدينيةِ بحريةٍ، ووضع تشريعاتٍ تحظرُ جميعَ أشكال التمييز الديني أو العنصري. ولا شك أن إشراكَ المجتمعات المحلية من قادةٍ دينيين ونساءٍ وشبابٍ في مثل الجهود يعدُ ضرورياً لتعزيز القيم الإنسانية قولاً وفعلاً.

ثانياً، يجب مواصلة العملِ على ترسيخ الحوار البنّاء بين الأديان والثقافات وإنشاء منصاتٍ ومؤسساتٍ تختص بذلك، حيث تساهم هذه الجهود في خلقِ تفاهماتٍ متبادلة بين المجتمعات وكسرِ الصور النمطية تجاه الإسلام أو غيره من الأديان، إذ لطالما دعا دينُنا الحنيف إلى التعايشِ والوئام بين البشر باختلافهم. ولهذا، حرصت بلادي على إطلاق مبادراتٍ تركزُ على توطيدِ الاحترام المتبادل والحوار بين الأديان، ومنها بناء بيت العائلة الابراهيمية، الذي افتتح في أبوظبي مؤخراً ويضمُّ مسجداً وكنيسةً وكنيساً ومركزاً تعليمياً، ليشكل بذلك منصة تتيحُ لأتباع الدياناتِ المختلفة التواصلَ معاً وممارسةَ شعائرهم الدينية جنباً إلى جنبٍ بسلام. كما يعملُ مجلس حكماء المسلمين في أبوظبي على إطلاق مبادراتٍ عالمية لنشر السلام منها “حوار الشرق والغرب” لتوضيح تعاليم الإسلام وتعزيز التعايش السلمي.

ثالثاً، علينا مواصلةَ دحضِ الخطاب المعادي للإسلام والتصدي للمعلومات المغلوطة والمضلِّلة بشأنه. ويجب هنا تكثيفُ الحملاتِ الإعلامية والجهود التي تُبرز القيم الحقيقية للإسلام، خاصة مع استمرار الجماعات المتطرفة والإرهابية تحريفَ الدين لتأجيجِ النزاعات ونشرِ أفكارها الهدامة التي لا تمت للإسلام بصلة. ويجب على الحكومات أيضاً تعزيز التعاون مع القطاع الخاص لتحسينِ أدوات مراقبة وإزالة المحتوى المسيء على الإنترنت، وللحيلولة دون استخدامه لنشر الكراهية. وعلينا في الوقت ذاته الاحتفاءَ بالإنجازاتِ التاريخية للعديد من المسلمين والتي ساهمت في نهضة الحضارة الإنسانية، خلافاً لما تروِّج له هذه الجماعات المتطرفة.

وختاماً، ورغم الجهود المبذولة لمكافحة الإسلاموفوبيا إلا أنه مازال علينا بذل العديد من الجهود ومواصلة السعي، دون كللٍ، لتحصينِ مجتمعاتِنا من براثنِ التطرفِ والتعصب. ونؤكد لكم على التزامنا بمواصلة العملِ مع جميع الشركاء وفي مختلف المحافلِ لتحقيقِ هذه الغاية.

وشكراً.