يلقيه السيد محمد بوعصيبه، سكرتير ثاني
السيد الرئيس،
نشكركم على عقد هذه المناقشة السنوية الهامة بشأن استخدام حق النقض في مجلس الأمن، والتي نعتبرها فرصة سانحة لإجراء حوار بناء حول الحالات التي يُستخدم فيها حق النقض.
ونود أن نعرب عن قلقنا الشديد إزاء الزيادة الحادة في استخدام حق النقض في مجلس الأمن خلال الأشهر الاثني عشر الماضية. فمنذ أبريل 2023، تم استخدام حق النقض ثلاثة عشر مرة، مما يعد زيادة استثنائية مقارنة بالسنوات السابقة. والأكثر إثارة للقلق هو أن تسعة من هذه الحالات (أي حوالي سبعين بالمائة) تتعلق بقضايا منطقتنا، لا سيما القضية الفلسطينية.
فقد تم منع المجلس مراراً من اتخاذ إجراءات ضرورية، مثل الدعوة لوقف إطلاق النار في غزة والنظر في طلب فلسطين للعضوية الكاملة، رغم تأييد الغالبية العظمى من الدول الأعضاء لهذه الخطوات. إن هذا النمط المقلق يؤكد الحاجة الملحة لإصلاح مجلس الأمن وضمان عدم إساءة استخدام حق النقض لتقويض إرادة المجتمع الدولي.
ونشيد بالدور المحوري الذي يلعبه الأعضاء المنتخبون العشرة في مجلس الأمن، ودورهم المهم في معالجة القضايا الإنسانية الملحة، حتى في ظل الانقسامات بين الأعضاء الدائمين في المجلس. وقد تجلى ذلك في نجاحهم الأخير في تمرير القرار 2728، الذي دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان المبارك، تمهيداً لوقف إطلاق نار دائم ومستدام. ونعبر عن بالغ قلقنا إزاء عدم التزام إسرائيل بتنفيذ هذا القرار.
السيد الرئيس،
إن الاستخدام المتكرر لحق النقض والانقسامات العميقة داخل مجلس الأمن، الناجمة عن تغليب المصالح الجيوسياسية، تقوض جهود المجتمع الدولي في الوصول إلى حلول سياسية، وتؤدي إلى شلل المجلس في معالجة العديد من الملفات الهامة، وتضعف من شرعية ومصداقية قرارات مجلس الأمن. وحتى في حالة عدم استخدام حق النقض، غالبًا ما تصدر القرارات دون إجماع، مما يحدّ من تأثيرها وفاعليتها.
ولمعالجة هذا الوضع غير المقبول، نشدد على ضرورة وضع معايير واضحة ومحددة لاستخدام حق النقض بما يتوافق مع القانون الدولي، وإرادة الغالبية العظمى من الدول الأعضاء، والرأي المحايد للأمانة العامة.
ونؤيد الدعوات الرامية إلى تقييد استخدام حق النقض في حالات الجرائم الفظيعة الجماعية، بما في ذلك المبادرة التي أطلقتها فرنسا والمكسيك وأيدتها أكثر من 100 دولة عضو. حيث يجب ألا يقف حق النقض عائقا أمام تحرك المجتمع الدولي لمنع ارتكاب فظائع بحق المدنيين العزل.
كما نرحب بآلية المساءلة والشفافية التي أرساها قرار الجمعية العامة 262/76، والتي نجتمع في إطارها اليوم. إن هذه الآلية تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح نحو الحد من الاستخدام المفرط لحق النقض وتعزيز دور الجمعية العامة كضمير للمجتمع الدولي.
ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة ماسة لبذل المزيد من الجهود لإصلاح مجلس الأمن، لا سيما فيما يتعلق بتنظيم استخدام حق النقض. وفي هذا الصدد، نشكر الرئيسين المشاركين للمفاوضات الحكومية الدولية، سعادة السفير طارق البناي، المندوب الدائم لدولة الكويت، وسعادة السفير أليكساندر مارسشيك، المندوب الدائم لجمهورية النمسا، على عملهما الدؤوب في قيادة المفاوضات.
السيد الرئيس،
لطالما آمنت دولة الإمارات بالدور المحوري للأمم المتحدة في إرساء الأمن والسلام والرخاء حول العالم. ولكن استمرار اساءة استخدام حق النقض يقوض ثقة وآمال الشعوب في النظام الدولي الحالي، لا سيما في منطقتنا العربية التي ما تزال تعاني الأمرّين جراء الحروب وعدم الاستقرار.
وفي الختام، نؤكد على ضرورة تكثيف الجهود من أجل إصلاح مجلس الأمن وتحسين طرق عمله.
وشكراً السيد الرئيس.