يلقيه سعادة السفير محمد أبوشهاب، نائب المندوب الدائم والقائم بالأعمال بالإنابة
السيد الرئيس،
يطيب لي في البداية أن أضم صوت دولة الإمارات إلى البيان الذي أدلت به المملكة العربية السعودية نيابةً عن المجموعة العربية.
وأود أن أشكركم، السيد الرئيس، على عقد هذه الجلسة بسبب عدم تمكن مجلس الأمن من اعتماد مشروع قرار بعد استخدام حق النقض بتاريخ 22 مارس الشهر الماضي.
إن مناقشة اليوم تشكل فرصة هامة للدول الأعضاء لمواصلة بحث الحالات التي يستخدم فيها حق النقض في مجلس الأمن، وإن كان مثل هذا الاستخدام مناسباً، وإن كان يتعارض أو يتماشى مع الإرادة الدولية والاحتياجات على الأرض.
كما يظهر انعقاد مثل هذه الجلسات خلال فترات زمنية متقاربة وتيرة استخدام حق النقض، وبالتالي الحاجة الملحة لإجراء مناقشات هادفة بشأن استخدامه، لضمان اضطلاع مجلس الأمن بمسؤولياته في صون السلم والأمن الدوليين.
ومثلما ذكرنا مسبقاً، لعل القضية الفلسطينية هي أكثر ملف يجسد الحاجة لإجراء مثل هذه النقاشات، فخلال الستة أشهر الماضية، شهِدنا تكشف كارثة إنسانية غير مسبوقة في غزة بسبب استمرار الحرب التي راح ضحيتها حتى الآن عشرات آلاف المدنيين.
واليوم، أصبح سكان غزة على حافة المجاعة، فيما وصلت المنظومة الصحية إلى نقطة الانهيار، خاصة بعد تدمير إسرائيل معظم المراكز الصحية، بما فيها مجمع الشفاء الطبي – المؤسسة الصحية الأكبر في القطاع.
وتزداد الشواغل تجاه هذه الأزمة الإنسانية بعد الاستهداف الإسرائيلي المدان بشدة لقافلة مساعدات تابعة لمؤسسة المطبخ المركزي العالمي، مما قتل سبعة من موظفيها ودفع هذه المؤسسة ومؤسسات إنسانية أخرى إلى وقف عملياتها التي تمثل شريان الحياة لسكان غزة.
إن معالجة تلك الأوضاع الكارثية بشكلٍ مستدام لا يمكن أن يتم دون وقف هذه الحرب المدمرة، وهذا ما تدركه الغالبية العظمى من الدول الأعضاء التي تواصل مطالبة مجلس الأمن باعتماد قرارٍ يدعو إلى الوقف الفوري لإطلاق النار.
ورغم شمول مشروع القرار قيد النقاش اليوم على عددٍ من العناصر الهامة التي حظيت بتوافق أعضاء المجلس، إلا أنه لم يتضمن دعوةً صريحة لوقفٍ فوري ودائم لإطلاق النار.
فمثل هذا المطلب يعد أساسياً ولا غنى عنه لوقف الأعمال العدائية، وللحيلولة دون توسع رقعة النزاع.
ولهذا، رحبت بلادي باعتماد القرار 2728، والذي يدعو لأول مرة وبعد طول انتظار إلى الوقف الفوري لإطلاق النار ولو كان محدداً بشهر رمضان المبارك، حيث يُجسد هذا القرار إرادة الغالبية العظمى من المجتمع الدولي.
ولكننا ننوه بأن مسؤولية المجلس تتمثل أيضاً في ضمان قيام كافة الأطراف المعنية بالتنفيذ الكامل لهذا القرار الملزم، كما هو الحال بالنسبة للقرار 2712، والقرار 2720، الأمر الذي يتطلب بذل المزيد من الجهود في هذا الصدد.
ومن هذا المنطلق، تجدد دولة الإمارات التأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار بشكلٍ عاجلٍ ودائمٍ، وأن تلتزم الأطراف بذلك، وكلنا أمل أن تساهم جهود الوساطة بالتوصل إلى نتائج مثمرة في هذا الجانب، كما يجب مواصلة العمل لضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاعِ غزة على نحوٍ مستدامٍ وعاجلٍ ودون عوائق، وتوفير الحماية للمدنيين والعاملين في المجال الإنساني، وإطلاق سراح الرهائن.
وفي سياقٍ متصل، وكوننا على بعد أيامٍ من حلول عيد الفطر المبارك، أود التأكيد على الحاجة لضبط النفس وخفض التصعيد في كافة أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة، مع السماح للمصلين بالوصول إلى المسجد الأقصى المبارك، بما يتماشى مع الوضع القانوني والتاريخي القائم لمدينة القدس، وأن تحترم إسرائيل الوصاية الهاشمية على المقدسات والأوقاف في المدينة.
لقد أصبح واضحاً أكثر من أي وقت مضى أن السبيل لوقف دوامة العنف يتمثل في التوصل إلى تسويةٍ عادلة ودائمة وشاملة لهذا الصراع. وأود في هذا السياق الإعراب عن دعم دولة الإمارات طلب فلسطين الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، فهذه الخطوة ستوجه رسالة قوية بأن المجتمع الدولي متمسك بحل الدولتين وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة استناداً إلى حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وشكراً، السيد الرئيس.