تلقيه: الآنسة فاطمة يوسف، القائم بالأعمال بالإنابة
السيد الرئيس،
أود في مستهل كلمتي أن أتقدم بالشكر لجمهورية سيراليون على تنظيم هذا الاجتماع، كما أشكر مقدّمي الإحاطات على مداخلاتهم القيّمة بشأن تفاقم حالات الجوع في المناطق التي تشهد صراعات حول العالم.
إن ما كشفه برنامج الأغذية العالمي عن معاناة أكثر من 280 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال العام الماضي وحده، يعكس ارتفاعاً مستمراً في حالات الجوع للعام السادس على التوالي.
إن القانون الدولي الإنساني واضح وصريح في حالات النزاع المسلح، إذ يُلزم أطراف النزاع بتوفير الحماية الدائمة للمرافق والمنشآت المدنية بما في ذلك مرافق إنتاج وتوزيع الغذاء، وحماية مصادر مياه الشرب، مع الامتناع عن استهداف الأعيان المدنية في جميع الأحوال.
إن الالتزام بهذه المعايير ليس واجباً أخلاقياً فحسب، بل هو التزام قانوني. ولذلك، فينبغي على جميع أطراف النزاع الالتزام الصارم بمسؤولياتهم بموجب القانون الدولي الإنساني، ولمجلس الأمن مسؤولية في ضمان ذلك، وله دور حيوي في معالجة انعدام الأمن الغذائي الناجم عن الصراع في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة.
وفي هذا السياق، تؤكد دولة الإمارات على ضرورة حماية المدنيين، وتعزيز المنظومة الغذائية أثناء النزاع المسلح. كما نشدد على أهمية الالتزام بالقرارين 2417 و2573، اللذين أكدا على أن استخدام تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال قد يُشكل جريمة حرب.
ولا يجب أن نقبل بفرض الأطراف المتنازعة واقعاً تمنع فيه المساعدات الإنسانية من الوصول إلى المحتاجين. وتؤكد دولة الإمارات في هذا الصدد أهمية تعزيز التنسيق بين الوكالات الإنسانية لرصد وتحليل حالات عرقلة وصول المساعدات، مع ضرورة أن يستمع مجلس الأمن إلى شواغل هذه الوكالات. كما يتطلّب ذلك من المجلس توظيف مختلف الأدوات المتاحة تحت تصرّفه، بما يشمل وضع آليات لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية، وتيسير وتتبع عمليات توصيلها على نطاق واسع والتحقق منها.
وفي سياق متصل، نشدد على ضرورة التزام أطراف النزاع بحماية العاملين الإنسانيين والقوافل الإنسانية، وعدم عرقلة وصول المساعدات إلى محتاجيها. كما نؤكد على ضرورة قيام الأمم المتحدة وهذا المجلس بتسمية الأطراف التي تعرقل وصول المساعدات ومحاسبتها.
السيد الرئيس،
لا يمكن معالجة الجوع الناجم عن الصراعات بمعزل عن عوامل أخرى تساهم في تزايد حدة هذه الصراعات مثل التغير المناخي والشح المائي. وتدعو دولة الإمارات إلى الاستثمار في الزراعة القادرة على التكيّف مع تغير المناخ، وتطوير أنظمة الإنذار المبكر.
وبينما تستمر التحضيرات لاستضافة بلادي لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه لعام 2026 بالشراكة مع السنغال، ستواصل دولة الإمارات تسليط الضوء على الصلة الهامة بين المياه والأمن الغذائي، والسعي من خلال الأمم المتحدة للتوصل لحلول عملية تساهم في معالجة قضايا الغذاء والمياه.
ختاماً، لا يمكن للعالم الحفاظ على السلم والأمن الدوليين دون ضمان الأمن الغذائي، ففي ظل الصراعات المتزايدة اليوم، باتت هناك حاجة ماسة لاستجابة جماعية تتناسب مع حجم التهديد الذي يفرضه انعدام الأمن الغذائي.
وشكراً.