مشاركة

تلقيه السيدة أميرة الحفيتي، نائبة المندوبة الدائمة 

السيد الرئيس،

أشكر الممثل الخاص السيد وان على إحاطتِه، مُقدريّن جُهودَهُ وجُهود بعثة مينوسما في دعم استقرار مالي. ونرحب بمشاركة ممثل مالي في اجتماع اليوم.

وأود بدايةً أن أؤكد على تضامننا المستمر مع الشعب المالي، الذي يتطلع لعيش حياة كريمة وآمنة، والخروج من دوامة التحديات التي تَعصِفُ بهذا البلد، والتي تتطلَب معالجتها اتباع نهجٍ شاملٍ وإيلاء اهتمامٍ متكافئ بكافة المسارات السياسية والأمنية والإنسانية والتنموية ، مع ضرورة أن يواصل هذا المجلس دعمه لهذه الجهود، بما في ذلك خلال المُناقشات المقبِلة حولَ تجديد ولاية بعثة مينوسما، إذ نأمل أن يتحدث المجلس بصوتٍ واحدٍ، يَخدُم مصلحة الشعب المالي، آخذاً بالاعتبار وجهات النظر الإقليمية حول هذه المسألة.

ولا شك بأنَّ تمكين بعثات حفظ السلام من تنفيذ ولايتها بفعّالية يتطلب استمرار التعاون بينها وبين الدول المُضِيفَة، كما يجب على المجلس أن يستمر بالتركيز على مسألة تمكين قوات حفظ السلام من أداء مهامها بشكل آمن.

ونتطلع في هذا السياق إلى إصدار إدارة عمليات السلام دراستها المشتركة لقدرات القوات العسكرية وقوات الشرطة والتي ستعزّز نقاشات المجلس حول مستقبل بعثة مينوسما.

وأود في بياني التطرق إلى ثلاثة جوانب:

أولاً، يجب أن تظل غَايتنا الأسمى إنجاح العملية السياسية لأهمية ذلك في بناء مؤسسات الدولة. ولهذا، من الضروري مواصلة إحراز تقدمٍ في المرحلة الانتقالية، خاصة الترتيبات المتعلقة بعقد الانتخابات العام المقبل والخطوات الدِستورية ذات الصلة.

ويبقى الحوار على المستويين الوطني والإقليمي، بما في ذلك مع الإيكواس والاتحاد الأفريقي، ركيزةً أساسيةً للبناء على المكتسبات التي تحققت في العملية السياسية، والتي تتطلب كذلك دعماً متواصلاً من المجتمع الدولي.

وفيما يتعلق باتفاق السلام والمصالحة، والذي يوفّر الإطار اللازم لإحلال الأمن والاستقرار المستدام في مالي، نَأمل أن تساهم جهود الوِساطة الدولية في مساعَدَة الأطراف المُوقِّعَة على التواصل فيما بينها بشكلٍ بنّاء لمعالجة القضايا العالقة وبما يمكنها من تجاوز العقَبات الماثلة أمام تنفيذِ الاتفاق.

ثانياً، تقتضي مُعالَجة التحديات الأمنية في مالي اتباع نُهج توائِم طبيعَتَها المُعقدة، خاصةً تلك العابرة للحدود، وأبرزها التهديدات التي تُشكلُها الجماعات الإرهابية، كتنظيم داعش في الصحراء الكبرى والجماعات التابعة لتنظيم القاعدة، على أمن واستقرار مالي والمنطقة، عبر نَشرها التطرف والعُنف.

وهنا تبرز قيمة التعاون الإقليمي ودون الإقليمي للتصدي لِمثل هذه التهديدات الجسيمة. ونَرى أن مبادرات المنطقة وجهود قادتها لتعزيز التنسيق والتعاون في منطقة الساحل هي خطوات مشجعة، من المُهِم الترحيب بها ودعمُها.

ومن جانبها، تُواصل دولة الإمارات دعم المبادرات الإقليمية التي تُجَسد التزام دول المنطقة بمواصَلة العمل على تحقيق أهدافِها المُشتركة بما يُعزز الأمن الجماعي.

وأود التَنويه هنا بأن تحقيق السلام والاستقرار في مالي على المدى البعيد يستوجِب أن نُركز جهودَنا على مُعالجة الأسباب الجذرية للعُنف والتطرُّف، وضمان مُلاءمتها للسياقات المحلية في مالي، واستجابَتِها لاحتياجات المُجتمعات، مع ضرورة إشراك المجتمع بأسرِه، من قادة دينيين ونساء وشباب، في المُبادرات التي تَهدِف لنشر قيم التسامح والاعتدال.

وكما نَعلم جميعاً، لا أمن بدون تنمية ولا تنمية بدون أمن. ولذلك، من المُهم دعم البرامج الإنمائية والإنسانية في مالي، فمبادرات مثل استراتيجية تحقيق الاستقرار في وسط مالي من شأنِها تحصين الشعوب من الفكر المُتطرف وتوفير الفرص التي تحقق الازدهار. ونرى أن توحيد الجهود الوطنية من شأنه تحسين الأوضاع الأمنية في مالي، بما في ذلك إحراز تقدمٍ في عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج.

وأخيراً، لا بد من إيلاء اهتمامٍ خاص للأزمة الإنسانية في مالي جراء العنف وانعدام الأمن الغذائي وتغيّر المُناخ، فوجود حوالي 9 ملايين شخصٍ بحاجة إلى تلقي المساعدات الإنسانية يُحتّم العمل على تعزيز قُدرَة مالي على الصُمود.

ولهذا، نُكرر أهمية تحسين فهمنا للصلات القائمة بين تغيُّر المُناخ وانعدام الأمن، بما في ذلك تأثيرهُما على الأوضاع الإنسانية. ونُؤكد على أهمية أن يتضمن تقرير الأمين العام معلوماتٍ وتحليلاتٍ بشأن التهديدات التي يُشكلُها تغيُّر المناخ على السلم والأمن، لمساعدة المجلس على الاستجابة لها على نحو استباقي، شاملٍ وفعّال.

وشكراً، السيد الرئيس.