مشاركة

يلقيه سعادة السفير محمد أبوشهاب، المندوب الدائم

السيدة الرئيسة،

أشكر معالي إبان بورغ على ترأسه هذه الجلسة، ونهنئكم على تولي مالطا رئاسة المجلس هذا الشهر، والشكر موصول للأمين العام، أنطونيو غوتيريش، على مشاركته وبيانه الهام.

كما أود أن أضم صوت دولة الإمارات للبيان الذي أدلت به المملكة العربية السعودية نيابة عن المجموعة العربية.

السيدة الرئيسة،

تدعو دولة الإمارات جميع أعضاء مجلس الأمن إلى التصويت لصالح مشروع القرار الذي يوصي بمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

فحين اعتمدت الجمعية العامة القرار 67/19 في العام 2012 معربةً عن أملها بأن يستجيب مجلس الأمن لطلب فلسطين بالحصول على العضوية الكاملة، كان واضحاً تأييد غالبية الدول الأعضاء لهذا الطلب، وذلك لاستيفاء فلسطين الشروط المطلوبة.

فما الذي ينتظرهُ هذا المجلس لدعم هذا الطلب؟

لقد أثبتت فلسطين أنها عضو فاعل في المجتمع الدولي، حيث يوجد مئة وأربعون دولة تعترف بدولة فلسطين.

ولفلسطين سجل حافل بالمواقف التي تؤكد على التزامها بميثاق الأمم المتحدة ودعم السلام، إلى جانب انضمامها للعديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.

كما تضطلع فلسطين بدورٍ فاعلٍ في المنظمات الإقليمية والدولية، وخاصة في الأمم المتحدة، ومثال ذلك ترأسها بنجاح مجموعة الـ 77 والصين للعام 2019.

وأكرر، ما الذي ينتظره هذا المجلس لدعم العضوية الكاملة لفلسطين؟

السيدة الرئيسة،

لا يمكن فصل حديثنا حول العضوية الكاملة لفلسطين عن الالتزامات التاريخية للأمم المتحدة، وبالأخص هذا المجلس، تجاه الشعب الفلسطيني.

فقد التزمت هذه المنظمة، حين اعتمدت الجمعية العامة قرار التقسيم 181، إنشاء دولتين في فلسطين، عربية ويهودية، وطلبت من مجلس الأمن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذا القرار، وفي حين تأسست الدولة الإسرائيلية بموجب القرار، لا يزال الشعب الفلسطيني ينتظر تأسيس دولته.

إن منح فلسطين العضوية الكاملة يعد خطوة هامة لتعزيز جهود السلام، حيث سيؤكد بذلك المجتمع الدولي التزامهُ – قولاً وفعلاً- بحل الدولتين كسبيلٍ وحيدٍ لإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

لقد أثبتت الفترة الماضية أن اكتفاء المجتمع الدولي بإدارة هذا الصراع، بدلاً من اتخاذ خطواتٍ ملموسة للدفع نحو حله هو نهجٌ عقيم.

فها هي غزة اليوم تواجه حرباً دامية راح ضحيتها أكثر من ثلاثين ألفاً، فيما يتعرض من بقي حياً للقصف، والمجاعة، والأمراض، وخطر التهجير.

وها هي الضفة الغربية شهدت بدورها عامين هما الأكثر دمويةْ منذ عقدين، بسبب استمرار إسرائيل في ممارساتها المجحفة بحق الشعب الفلسطيني الشقيق.

إن بقاء هذهِ الأوضاع على حالها لا ينبئ إلا باحتدام العنف، وجر المنطقة إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار. وما يحدث من تصعيدات في المنطقة خاصة خلال الأسابيع الأخيرة يؤكد على ذلك.

إن مواجهة تيار العنف والتصعيد يتطلب من المجتمع الدولي، لا سيما مجلس الأمن، اتخاذ خطواتٍ مدروسةٍ بدقة لإيصال المنطقة إلى بر الأمان.

وكأولوية، يجب إطفاء فتيل العنف في أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة وإنهاء التصعيد في المنطقة، بما يشمل التوصل إلى وقفٍ فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وإنقاذ أرواح الناس من الهلاك جوعاً، ومواصلة الحوار والتفاوض واستخدام السبل الدبلوماسية لحل النزاعات سلمياً.

كما يجب أن توقف إسرائيل جميع ممارساتها التصعيدية وغير الشرعية في الضفة الغربية والقدس الشرقية،
وأن تضع حداً لعنف المستوطنين واعتداءاتهم المسلحة على القرى والمدن الفلسطينية كما حدث نهاية الأسبوع الماضي، مع محاسبة مرتكبي هذه الجرائم الخطيرة على أفعالهم.

يجب أن نكون حازمين في مطالباتنا بضرورة التزام جميع الأطراف المعنية بالقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، وأن تتخذ كافة الخطوات اللازمة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن وآخرها القرارات 2712، و2720، و2728.

ويعني ذلك السماح بدخول المساعدات الإنسانية عبر كافة المعابر المتوفرة، وضمان توزيعها إلى وجهتها بأمان ودون عوائق، بما يشمل دعم جهود السيدة سيغريد كاغ، كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية في غزة.

ولابد أيضاً من ضمان استمرار وكالة الأونروا في جهودها الإغاثية التي لا غنى عنها.

كما يجب توفير الحماية للمدنيين، والعاملين في المجال الإنساني، وعدم استهداف المرافق المدنية، وفي مقدمتها المنشآت الصحية.

ونؤكد مجدداً على إدانتنا الشديدة لمقتل عدد كبير من موظفي الإغاثة الإنسانية، بما في ذلك أثناء استهداف إسرائيل لقافلة تابعة للمطبخ المركزي العالمي، مما أثر بشكل كبير على العمليات الإنسانية في قطاع غزة.

وأخيراً، نشدد أن وقف جولات العنف المتكررة على نحو مستدام لن يكون ممكناً دون التوصل إلى حلٍ عادلٍ ودائمٍ وشاملٍ للصراع الفلسطيني-الاسرائيلي، وفقاً لخطة طريق قابلة للتنفيذ لحل الدولتين، وضمان عودة الأطراف إلى عملية تفاوضية تكون جادة وذات مصداقية ضمن إطار زمني واضح. فهذا هو السبيل الوحيد لضمان أمن واستقرار وازدهار الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي والمنطقة بأكملها.

وشكراً، السيدة الرئيسة.