مشاركة

يلقيه معالي الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير دولة

السيد الرئيس،

 أود في البداية أن أغتنم هذه الفرصة لأثني على رئاسة موزامبيق الناجحة للمجلس.

ونرحب بإتاحة الفرصة لتبادل الآراء حول سبل منع وحل النزاعات في أفريقيا. إن مسيرة موزمبيق التاريخية نحو السلام والتقدم تظل مصدر إلهام لنا جميعاً.

كما أود أن أتقدم بالشكر إلى مُقدمي الإحاطات اليوم على آرائهم الثاقبة.

لقد ناقش المجلس على مدى السنوات الماضية جدول أعمال “إسكات البنادق” أكثر من مرة، وأصبح واضحاً أننا بحاجة لتقييم الحالة التي يقف عليها جدول الأعمال اليوم.

إن فكرة عدم امتداد الاضطرابات من منطقة إلى أخرى في العالم هي مجرد وهم. ولهذا، فإن إنجاح هذه المبادرة لا يصب فقط في مصلحتنا المشتركة، وإنما هو أيضاً واجب أخلاقي يحتم علينا العمل على تمكين السلام وفقاً للقانون الدولي بأي طريقة ممكنة.

لا ينبغي أن يكون السعي لتحقيق السلام مسؤولية الحكومات الأفريقية وحدها، إذ تتيح لنا مثل هذه الاجتماعات الفرصة لنتعلم من تجاربنا بعضنا البعض. وعليه، أود اليوم التركيز على النقاط الثلاث الهامة التالية:

أولاً، يجب الاستفادة من أدوات حل النزاعات وممارسات بناء السلام في القارة الأفريقية على أكمل وجه. 

فقد صمم الاتحاد الأفريقي والمنظمات شبه الإقليمية على مدار العقدين الماضيين مجموعة من الأدوات لحل النزاعات ترتكز على وجهات النظر الأفريقية.

وتعتبر المبادرة الدبلوماسية الأخيرة التي قادها الاتحاد الأفريقي في إثيوبيا إحدى قصص النجاح الجديرة بالثناء.

كذلك الأمر بالنسبة للجنة الحكماء وشبكة النساء الأفريقيات في مجال منع نشوب الصراعات والوساطة.

ومع ذلك، يجب ألا نقلل من دور المجتمع الدولي في هذا المسعى، فبالرغم من اختلاف كل صراع عن غيره، إلا أن مجلس الأمن يتحمل مسؤولية تشجيع جهود الوساطة الأفريقية والاستفادة منها كلما أمكن ذلك.

ويستطيع المجلس دفع هذه الجهود عبر العديد من الطرق الملموسة، أبرزها التواصل المنتظم مع وسطاء المنظمات الإقليمية ودون الإقليمية على النحو الموضح في الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، وافساح الوقت والمجال اللازمين لتؤتي جهود السلام ثمارها.

ثانياً: تتجاوز مبادرة إسكات البنادق كونها مجرد حل للصراعات، فهي تتطلب التركيز على الأسباب الجذرية للصراعات والعزم على مكافحة الأيديولوجيات المتطرفة ومواصلة تعزيز مكاسب التنمية.

وتعد أهداف التنمية المستدامة وجدول أعمال الاتحاد الأفريقي لعام 2063 بمثابة الأطر التوجيهية، فهي تحدد أهدافًا تسعى من خلالها لتوجيه الأولويات الوطنية واستكمالها. كما أنها تهدف في نهاية المطاف إلى تمكين الحكومات والمنظمات الإقليمية من إرساء الأسس اللازمة لبناء مجتمعات سلمية ومزدهرة، ويشمل ذلك النساء والفتيات، فنحن نعلم أن مشاركة النساء بفعالية في المجال الاقتصادي يعني تعزيز قدرتهن على مقاومة العنف والتهديدات الأخرى.

كما أن توطيد الشراكات بين المنظمات الإقليمية والقيادات النسائية المحلية من شأنه أن يساهم في تعزيز دور النساء في حل النزاعات وبناء السلام.

بالإضافة إلى الجهود المحلية والوطنية، يستطيع المجتمع الدولي تقديم الدعم بأشكال شتى، أبرزها ضمان اسهام برامج التنمية في التخفيف من مواطن الضعف في الاقتصاد وقابلية التأثر بتغير المناخ، ومن خلال أيضاً التشجيع على مبادرات المجتمع المحلي التي تهدف إلى بناء السلام.

ثالثًا وأخيراً علينا أن نستبق التهديدات الجديدة ومتزايدة التعقيد.

إن انتشار التطرف والاستغلال المسيء للتقدم التكنولوجي هما تهديدين مختلفين تماماً، ولكن في حال اتحادهما معاً، فستكون المحصلة تفاقم خطورة التحديات التي يواجهها السلم والأمن.

كما تقتضي الطبيعة المعقدة لهذه التهديدات استجابات ترتقي للمستوى ذاته، الأمر الذي يتطلب قدراً من الاستثمار غالباً ما يتجاوز الوسائل المتاحة بكثير.

إن التنبؤ والتنسيق بين الدول – بدعم من المجتمع الدولي – هو أمر في غاية الأهمية. واسمحوا لي هنا أن أعطي مثالاً، لقد حقق الاستثمار الأجنبي المباشر في البلدان الأفريقية رقماً قياسياً بلغ 83 مليار دولار في عام 2021. ورغم ذلك، يمثل هذا الرقم الضخم نسبة 5.2٪ فقط من إجمالي الاستثمارات الأجنبية العالمية المباشرة.

علينا ألا نتوقع تحقيق السلام إذا لم نستثمر فيه، فالتنمية المستدامة يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع بناء السلام. كما أن الدعم الفعال لهذه الجهود سيحقق مردوداً أفضل بكثير وأقل تكلفة مقارنة بالثمن الباهظ للصراعات وانعدم الاستقرار.

السيد الرئيس،

إن مبادرة إسكات البنادق لا تزال من أفضل المبادرات التي تعكس رؤية أفريقية حول بناء السلام واستدامته، كما اثبتت أن وجهات النظر والممارسات المحلية والإقليمية تضطلع بدور هام في منع النزاعات وحلها بشكل فعال.

ومن واجبنا كمجتمع دولي أن ندعم جهود الدول والشعوب الأفريقية في مسارها نحو تحقيق السلام والازدهار.

وشكراً السيد الرئيس.