مشاركة

يلقيه سعادة السفير محمد أبو شهاب، نائب المندوبة الدائمة والقائم بالأعمال بالإنابة

ترجمة غير رسمية

يرجى المراجعة أثناء الإلقاء

السيد الرئيس

أود في البداية أن أُهنئ الصين على توليها رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر. كما نعرب عن خالص شكرنا للبرازيل لقيادتها المقتدرة أثناء رئاستها الشهر المنصرم. والشكر موصول أيضاً لمفوض الشؤون السياسية والسلم والأمن بالاتحاد الإفريقي، السفير بانكولي أديوي، ولمستشارة الخاصة لشؤون أفريقيا السيدة كريستينا دوارتي، ولرئيس لجنة بناء السلام، السفير محمد عبد المعيذ على إحاطاتهم الشاملة.

السيد الرئيس،

أود أن أثني على مبادرة الصين لتخصيصها أولى اجتماعاتها الخاصة لهذا الموضوع الهام. فالتركيز على بناء القدرات لاستدامة السلام في أفريقيا يتطلب منّا التواصل الفعال والأخذ في الاعتبار الآراء والأصوات والممارسات الأفريقية. ولقد سعت دولة الإمارات منذ قيام الاتحاد إلى بناء علاقات واسعة مع الشركاء في جميع أنحاء القارة، وازدهرت هذه الشراكات اليوم بحيث أصبحت تمثل نموذجاً للتعاون الفعّال في عدد من المجالات الهامة، كالطاقة المتجددة والأمن الغذائي ومكافحة الإرهاب والقطاع الصحي. إن هذه الروابط الوطيدة المبنية على علاقات عميقة بدأت بين منطقتينا مع ترحيب دولة أفريقية عريقة للمسلمين الأوائل الذين جاءوا من شبه الجزيرة العربية بحثاً عن الأمان من الاضطهاد. وفي ضوء هذه الخلفية التاريخية، نرى أهمية إثراء هذه المناقشات، بما في ذلك مناقشة اليوم، من خلال التركيز على التجارب الأفريقية. ومن هذا المنطلق، تود دولة الإمارات التركيز على ثلاث نقاط رئيسية.

أولاً، إن أكثر الخلاصات تكراراً والتي يمكن استنتاجها بعد مرور أكثر من 75 عامًا على عمل المجلس في صون السلم والأمن، فهو أنه لابد أن تعكس جهود استدامة السلام السياقات المحلية، وهذه حقيقة تم تأكيدها مرارًا بناء على التجارب في إفريقيا والشرق الأوسط وغيرها من المناطق، فعلى سبيل المثال، يعكس نهج “العدالة التصالحية” الذي قامت عليه لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا، التقليد المحلي المعروف باسم “أوبونتو” الذي يركز على المجتمع والتعاطف والتعاون. كما تعود جذور “لجنة حكماء الاتحاد الأفريقي” إلى مجالس الحكماء التقليدية التي كانت محورية في حل النزاعات والحفاظ على السلام في أفريقيا عبر التاريخ. ومن هنا، فإن إيجاد حلول أفريقية للتحديات الأفريقية يجب أن يبدأ أولاً بالاستفادة من التراث الغني للقارة في مجال ممارسات حل النزاعات وبناء السلام.

ثانياً، بالرغم من أن تركيزنا المباشر ينصب على التحديات في القارة، علينا أن نتذكر أن جذور هذه التحديات وانعكاساتها كثيراً ما تمتد إلى خارج حدود القارة. ويجب أن يعترف هذا المجلس بأن الحلول الأفريقية، وليس التحديات فقط، لها أبعاد عالمية. كما أن جهود بناء السلام الدولية، والذي يركز على الحوار المجتمعي والشبكات النسائية والمصالحة، تعكس الممارسات الأفريقية. ولذلك فإن دعم بناء القدرات للحفاظ على السلام في إفريقيا ليس عملاً خيرياً، بل واجباً أخلاقياً أصبحنا في أمس الحاجة إليه في ظل تزايد ترابط وتشابك عالمنا، واستثماراً استراتيجياً سيعود بالفائدة على العالم بأسره.

أخيراً، إن السلام المستدام يتطلب بالضرورة تنمية مستدامة. فالأزمات المتعددة الأبعاد في مختلف أنحاء القارة تهدد بتراجع التقدم الذي تم إحرازه بصعوبة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وجدول أعمال الاتحاد الأفريقي لعام 2063. وهذا بدوره سيؤدي إلى تفاقم التحديات الأمنية وأوجه الضعف القائمة. فضلاً عن ذلك، أدت الجائحة وأزمة الأمن الغذائي وارتفاع أسعار السلع الأساسية إلى تحميل القطاع العام واقتصادات الدول الأفريقية أعباء هائلة. لذلك، يجب أن تكون حماية وضمان الوصول إلى السلع والخدمات الأساسية واستقرار أسعار الغذاء والطاقة في صلب أي جهدٍ يهدف إلى الحفاظ على السلام. كما أنه من المهم للمجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، اتباع نهج يأخذ في الاعتبار هذه المتغيرات لاسيما في ضوء تصاعد التوترات العالمية.

وفي الختام، السيد الرئيس، تؤكد دولة الإمارات على إيمانها الراسخ بأهمية دعم جميع الجهود لبناء القدرات للحفاظ على السلام في إفريقيا، وترسيخ هذا الجهد في المنظور المحلي والوطني والإقليمي في القارة.

وشكراً السيد الرئيس.