تلقيه السيدة أميرة الحفيتي، نائبة المندوبة الدائمة
السيد الرئيس،
أشكر السيد جير بيديرسن والسيدة رينا غيلاني على إحاطتِيهِما الوافيتين اليوم، مع تقديرنا لجهودهما في هذا الملف.
السيد الرئيس،
رغم التطورات المُستمرة التي تَشهدها الأوضاع الأمنية والإنسانية على الأراضي السورية، إلا أنه يُؤسفنا بأن الملف السوري لا يحظى باهتمام كافٍ على الساحة الدولية، خاصة مع فتور الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حلٍ يُنهي الأزمة. لذا، نَود أن نُذكر الجميع، بأن الملف السوري لا يَقِلُ أهمية عن الملفات الأخرى على جدول أعمالنا وأن الشعب السوري وما يَتعرض له من ظروف معيشية من ضمن الأسوأ في العالم، يستحق انتباهنا واهتمامنا، أسوةً بغيره من الشعوب المتضررة من النزاعات.
السيد الرئيس،
لنّ نَتمكن من كسر الجمود الحالي في العملية السياسية إذا لم تنصَب الجهود الدولية على تحقيق ذلك، ونُقدر هنا المحاولات المُستمِرة للمبعوث الخاص لسوريا في التواصل مع الأطراف لإيجاد حلٍ للأزمة السورية، ونؤكد في هذا السياق على ضرورة إشراك المرأة في هذه الجهود. ويجب أيضاً الخروج من حالة الشلل التي أصابت اللجنة الدستورية خلال الأشهر السابقة والتي تُعتبر المِنَصة الوحيدة لإجراء حِوار وطني بَنّاء بين السوريين وبقيادة ومُلكية سورية، وبالتالي الدفع قُدُماً بالعملية السياسية، دونَ تدخلاتٍ أو إملاءاتٍ خارجية، وذلك لا يشمل الأمور اللوجستية فحسب، بل يجب أن يتضمن إطار زمني واضح وخُطة متفق عليها حول الخطوات المقبلة في المسار الدستوري. ولنّ نتوقف عن التأكيد على موقفنا الرافض للتدخلات الأجنبية في الشأن السوري ودعواتنا لإنـهائـها حفاظاً على سيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها.
أما فيما يتعلق بالأوضاع الأمنية، فلنّ تـَتَحسن دون معالجة الانفِلات الأمني الذي يستغلُه تنظيم داعش الإرهابي وجماعات أخرى لشن هجماتِها على المناطق السورية. ومن المُقلق ما ذكره السيد بيديرسن حول مخابئ الأسلحة التابعة لتنظيم داعش إلى جانب قيامهم بابتزاز ونهب المجتمعات المحلية في محافظة دير الزور الشرقية لتمويل أنشطتهم الإرهابية، وكذلك سيطرة جماعات أخرى على عددٍ من المناطق السورية في شمال حلب خلال الأسابيع الماضية، إذ نُطالب بخروج هذه القوات ووقف كافة الأعمال العدائية في شمال سوريا، حفاظاً على أرواح المدنيين. إن هذه الأعمال تؤكد على استمرار التهديدات التي تُشكّلُها تلك الجماعات، ليس فقط على أمن واستقرار سوريا، بل على المنطقة برمتها، وما يُرافق ذلك من تداعيات على المدى البعيد، الأمر الذي يستوجب معالجة هذه الأوضاع وعدم تجاهلها، ونُكرر هنا بأن سلامة واستقرار سوريا من سلامة المنطقة.
وفيما يتعلق بالأوضاع الإنسانية المتفاقمة والانكماش الاقتصادي في سوريا، فهي أيضاً لنّ تـتحسن إذ لم يتم إيجاد حلول مستدامة، تتجاوز اتخاذ تدابير مُؤقتة ومَحدودة، الأمر الذي يَتطلب أن تُركز الجهود الدولية على مجالات الانعاش المبكر وإعادة الاعمار. ونُـنوه هنا بأن الأوضاع الإنسانية مُتجهة إلى منحنى أخطر في ظل تفشي مرض الكوليرا في كافة المحافظات السورية. وتزداد الشواغل بالنسبة للمخيمات المزدحمة بالنازحين، والذين يُعانون على نحوٍ خاص من عدم توفر المياه النظيفة والصالحة للشرب ونُشيد بوضع الأمم المتحدة خطة للاستجابة لهذا الوباء.
ولا يَفوتنا هنا التأكيد على ضَرورة توفير الظروف الأمنية المناسِبة لِتمكين القوافل الإنسانية من المرور إلى وجهتها المنشودة لضمان إيصال المساعدات الإنسانية لكافة المُحتاجين في جميع أنحاء سوريا دونَ عوائق وبِحيادية، وضمان أن تستجيب هذه المساعدات لاحتياجات النساء والفتيات. ونُرحب في هذا الصدد بمرور القافلة السابعة والثامنة مؤخراً إلى شمال غرب سوريا وتوزيع المواد الغذائية من قبل برنامج الغذاء العالمي.
وختاماً، السيد الرئيس، أود أن أشير أن كل يوم نتأخر فيه عن التوصل إلى حل سلمي يعني يوماً جديداً يُضاف إلى معاناة السوريين، وبالتالي علينا أن نسعى لإعادة الزخم الدولي لكسر الجمود الحالي في المسار السياسي.
وشكراً، السيد الرئيس.