مشاركة

تلقيه السيدة أميرة الحفيتي، نائبة المندوبة الدائمة

السيدة الرئيسة،

أشكُر مساعِدة الأمين العام السيدة مارثا بوبي والأمين التنفيذي السيد أريك تياري على إحاطتيّهِما الشاملتين. والشكر موصول للجنة بناء السلام على توصياتها القيمة ومنها أهمية النهج الإقليمي في تعزيز استقرار وأمن المنطقة.

السيدة الرئيسة،

تُؤمن دولة الإمارات بأن منطقة الساحل زاخرة بالفُرَص التي تحقق الأمن والتنمية لِشعوبها، الأمر الذي يَقتضي مواصَلَة تنسيق وتعزيز الجهود لِمُعالَجَة مُختلف التحديات التي تَعُج بها المنطقة، خاصة مع تَمدُد الإرهاب إلى ساحل غرب أفريقيا وما يُشكِلُه هذا من تهديد على السِلم والأمن الإقليميين والدوليين. ونُرحب – في هذا السياق – بمُخرَجات الاجتماع الأخير لقادة مجموعة الساحل والاجتماع الوزاري الذي تَبِعَه، ونُثني على جُهودِهم لإعادة صياغة نهجِهِم الجماعي في مواجهة التحديات المُشتركة وتجاوز العَقَبات.

وفي سياق اجتماعِنا اليوم، أود التطرق إلى أربع مسائل نرى أهمية التركيز عليها لتحقيق السلامٍ المستدام:

أولاً، من المُهم إحراز تقدمٍ ملموس في المراحل الانتقالية التي تمر بها بعض دول المنطقة، الأمر الذي يتطلب شمولية العمليات السياسية، بحيث تَضمَن المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للمرأة وتُتيح للشباب المساهمة في بناء مؤسساتٍ تعكِس تطلعاتهِم.

ونُثني هنا على جُهود المنظمات الإقليمية ودون الإقليمية – كالاتحاد الإفريقي ومجموعة الإيكواس – في دعم العمليات السياسية عبر مُساعدَة الدول ذات الصلة في تعزيز الحَوكَمَة والعودة إلى النُظُم الدستورية، مع مراعاة السياقات الخاصة للدول. ويجب كذلك استمرار التعاون والحوار بين دول المنطقة ومع الجهات الإقليمية والدولية الفاعِلة، لأهمية ذلك في بناء الجسور والتوصل إلى تفاهماتٍ حول سُبل تحقيق الاستقرار.

ثانياً، يتعين علينا مواصلَة دعِم المُبادرات والآليات الإقليمية التي وضِعَت لِمُعالَجَة التهديدات العابِرة للحدود، ومنها الإرهاب والجريمة المنظمة، وأن نبحث في الوقت ذاته عن سُبل جعل هذا الدعم أكثر فاعِليّة، بما في ذلك عبر الاستماع لآراء قادة المنطقة وفِهِم احتياجاتِهِم. ولا شك بأن تعزيز التنسيق والمشاورات بين مُختلف المبادرات الإقليمية سيُساهِم – على سبيل المثال – في تبادل الخبرات والمعلومات وبالتالي ضمان اتساق الجهود وتحقيق نتائج أفضل على مُختلف المستويات.

ونرى هنا بأن القوة المشتركة لمجموعة الساحل تُعد أداة إقليمية مُهمة يجب الاستمرار في دعمِها، ويتطلب ذلك أن ينظر المجلِس في أفضل السُبل لمساعدتِها على مواصلة عملياتِها التشغيلية بِكَفَاءة. وفي سياقٍ مُماثِل، نتطلع إلى نتائج الفريق المستقل المعني بالأمن والتنمية، فطبيعة التحديات المُعقَدة تتطلَب من المجتمع الدولي مواصلة تحديث أساليبِه لتتماشى مع التغييرات على الأرض.

ثالثاً، يَجب التركيز على مُعالَجَة الأسباب الجذرية للنزاعات والتطرف لترسيخ قيم التسامح والتعايُش السلمي، من خلال تنفيذ مبادرات تنموية تهدف إلى سَد الفجوات الاجتماعية والاقتصادية وتلبية احتياجات السكان، بحيث لا نَترُك أيّ فراغ يُمكن أن تَستغله الجماعات المُتطرِفة والارهابية لنشر أفكارها الهَدامَة، فإغلاق حوالي تسعة آلاف مدرسة في وسط الساحل بسبب العنف وفقاً لأوتشا هو أمرٌ مؤسفٌ ومقلقٌ، فالتعليم أحد أهم الركائز لتحصين المجتمعات من براثن التطرف ولتمكين أجيالِها من بناء مستقبلٍ واعد. ونُشدد هنا على ضرورة أن تتماشى استراتيجية الأمم المتحدة المتكاملة لمنطقة الساحل مع الأولويات والاحتياجات الوطنية لتحقيق النتائج المَرجوَة.

رابعاً، تستدعي الأزمة الإنسانية في منطقة الساحل إيجاد سبلٍ كفيلة بالاستجابة للاحتياجات الطارئة لسكانها، إذ يوجد ما يقارب ثلاثين مليون شخص بحاجة للمساعدات وفقاً لأوتشا. ومن جانبها، حرَصَت دولة الإمارات على الاستجابة لهذه الأوضاع عبر تقديم أكثر من ستمئة مليون دولار أمريكي لدول الساحل الخمس خلال الخمس سنوات الماضية، كما حَرصنا مؤخراً على توفير مساعدات إغاثية للتعامُل مع تدفقات النازحين من السودان إلى تشاد.

وختاماً، نؤكد على ضرورة التركيز على سُبل أكثر استدامة لمعالجة انعدام الأمن الغذائي في المنطقة وتحقيق أمنها واستقرارها، ويشمل ذلك مواصلة تعزيز فِهمِنا للصلات القائمة بين تَغَيُّرِ الْمُنَاخ وانعدام الاستقرار في منطقة الساحل، خاصة من حيث تأثير المناخ على الزراعة وتسبب ذلك في انعدام الأمن الغذائي وتفاقم النزاعات، ونقدر هنا احاطة السيدة عيساتو ضيوف التي سلطت الضوء على جوانب هامة تتعلق بالعمل المناخي في المنطقة. كما نُشيد بالمشاريع التي يدعَمها صندوق الأمم المتحدة لبناء السلام في هذا الجانب، ومنها مشروع منطقة لِيِبتاكُو غُورّمَا في مالي، والذي يهدِف إلى مُعَالجة أنماط الصراع المُرتبطة بتَغَيُّرِ الْمُنَاخِ، ونرى أهمية مواصلة البناء على هذه الجهود.

وشكراً، السيدة الرئيسة.