مشاركة

تلقيه معالي السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة

شكراً، السيد الرئيس.

أود بدايةً أن أشكر غانا على عقد اجتماع اليوم حول هذا الموضوع المهم، وأود كذلك أن أعرب عن شكري لجميع مقدمي الإحاطات على آرائهم القيمة.

السيد الرئيس،

ترحب دولة الإمارات بالتعاون الدولي المستمر ضد القرصنة والسطو المسلح في خليج غينيا، ونُشيد بالتقدم المحرز في تحقيق الاستقرار في واحدةٍ من أهم المناطق البحرية في أفريقيا. فعلى مدار العام الماضي، ولا سيما منذ أبريل 2021، كان هناك انخفاضٌ كبيرٌ في عدد حوادث القرصنة وعمليات اختطاف طواقم السفن في خليج غينيا من 123 حالة قرصنة وسطو مسلح في البحر في عام 2020 إلى 45 حالة في عام 2021. كما استمر الانخفاض التدريجي في عام 2022، حيث أبلغت المنظمة البحرية الدولية عن 13 حادثة قرصنة وسطو مسلح في الأشهر الستة الأولى من عام 2022. يشير هذا الانخفاض الكبير إلى أن الجهود الدولية والإقليمية والوطنية يمكنها أن تُحسّن المشهد الأمني البحري في خليج غينيا، ولكن يجب علينا أن ندرك أن الانخفاض في تهديد القرصنة قد يكون أيضاً بسبب تحوّل تركيز الجماعات الإجرامية النشطة في المنطقة، وفقاً لما ذكرته السيدة بوبي في إحاطتها. 

ومع ذلك، لا تزال القرصنة مُشكلةً خطيرةً وتحوز على اهتمامنا جميعاً، حيث تُقدّر الخسائر المالية الإجمالية الناجمة عن عمليات القرصنة في خليج غينيا بنحو ملياري دولار سنوياً، إضافةً إلى الأضرار المالية غير المباشرة التي لحقت بالمجتمعات الساحلية. لذلك، ومع اقترابنا من الذكرى السنوية العاشرة لمدونة “ياوندي” لقواعد السلوك في العام المقبل، نُشيد بالموقعين على المدونة هذه لتعزيز هذا الإطار، من أجل كبح التهديدات لحرية الملاحة، وحماية سلامة الناس في المنطقة، وتعزيز التجارة والصادرات والنمو الاقتصادي للدول الساحلية. إن حماية المكاسب التي تحققت حتى الآن تُحتم على مجلس الأمن أن يبقى موحداً بشأن هذه المسألة، وأن يستمر في دعم تنفيذ القرار 2634 لعام 2022 الذي قادته غانا والنرويج، وخاصةً عبر التنسيق مع الأطراف المعنية الأخرى، مثل لجنة بناء السلام وجميع وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة.

السيد الرئيس،

إن مكافحة القرصنة والسطو المسلح في خليج غينيا هي بلا شك مسعى طويل الأمد، ويتطلب عملاً مشتركاً بين الدول الساحلية المتضررة والمنظمات الإقليمية والشركاء الدوليين. وتود دولة الإمارات التأكيد على ثلاث نقاطٍ فيما يتعلق بآثار القرصنة في خليج غينيا وأسبابها الجذرية، حتى نتمكن من توجيه استجابتنا السياسية بشكلٍ أفضل:

أولاً، وكما تأكد لنا هنا اليوم، نعلم أن وراء التهديدات للأمن البحري في خليج غينيا مجموعةً واسعةً من الأنشطة الإجرامية. وتشمل هذه الأنشطة تهريب الأسلحة والاتجار بالموارد الطبيعية، وكلاهما يُستخدم بشكلٍ متزايد لصالح الجماعات الإرهابية العابرة للحدود. وتُعرب دولة الإمارات عن قلقها إزاء التقارير التي تُفيد بأن الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل تهدد بشكلٍ متزايدٍ البلدان الواقعة على طول خليج غينيا. كما أننا قلقون للغاية إزاء خطر انتشار التطرف في جميع أنحاء المنطقة، ناهيك عن آثاره قصيرة وطويلة الأمد المزعزعة للاستقرار على المجتمعات. وتؤمن دولة الإمارات بأن عبء مواجهة الإرهاب لا يمكن ولا ينبغي أن تتحمله دولةٌ أو منطقةٌ بمفردها، لذلك فإننا نؤيد وسنؤيد دائماً دعم دول غرب أفريقيا الساحلية في جهودها لمكافحة الإرهاب، ونشكر غانا بشكلٍ خاص على قيادتها القوية والتقدمية في هذا الصدد.

ثانياً، أود التأكيد بشكلٍ أكبر على أهمية الجهود الإقليمية لمكافحة القرصنة. إن القادة الإقليميون هم في وضعٍ أفضل لفهم التهديدات التي تشكلها القرصنة، ولتنبيه الدول المجاورة إلى هذه التهديدات، بحيث يمكن تنفيذ مبادرات الوقاية المبكرة. وهم أيضاً في وضعٍ أفضل لتوفير سياقٍ مهمٍ لجهود الوقاية المجتمعية والتي تُعتبر بالغة الأهمية لمكافحة الأنشطة الإجرامية والإرهابية والتجنيد. وأود أن أضيف أن هذه الجهود المجتمعية يجب أن تأخذ في الاعتبار التحديات الفريدة التي تواجهها النساء والفتيات في هذه البيئات.

ثالثاً، إن إيجاد حلٍ مستدامٍ لمشكلة القرصنة والسطو المسلح في البحر، يُحتم علينا معالجة أسبابها الجذرية. ونعتقد أن تغير المناخ هو أحد التحديات الحاسمة التي تساهم في هذه المشاكل، إذ يُعتبر الحزام الساحلي مقابل خليج غينيا منخفضاً ومعرضاً لارتفاع مستوى سطح البحر، مما يؤدي إلى استمرار التدهور البيئي في دلتا النيجر والاضطرابات الأخرى المرتبطة بالمناخ، إضافةً إلى تفاقم الهشاشة في المنطقة، والتسبب في خسارة المجتمعات الساحلية لمخزون الصيد والفرص الزراعية، وهذا بدوره يؤدي إلى فقدان سبل العيش وزيادة الفقر وعدم الاستقرار. إن هذه البيئة معرّضة بشدة لاستغلال مجموعات القراصنة الذين يجرّون المجتمعات اليائسة إلى الأنشطة الإجرامية كوسيلةٍ للبقاء على قيد الحياة. لذلك يجب أن تتضمن حلول مكافحة القرصنة في خليج غينيا التدابير التي تساعد على تحسين التعاون الإقليمي بشأن تغير المناخ والقدرة على التكيف مع المناخ للمجتمعات الأكثر تعرضاً للضرر.

ونشكر غانا مرةً أخرى لتسليطها الضوء على هذا الأمر ضمن جدول أعمال المجلس، ونجدد دعم دولة الإمارات لجميع الجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار في تلك المنطقة.

وشكراً.