مشاركة

سعادة السفير محمد أبوشهاب، نائب المندوبة الدائمة

السيدة الرئيسة،

أشكر المنسق الخاص السيد تور وينسلاند على إحاطتهِ الشاملة، مع تقديرنا لجهودهِ المستمرة لتهدئة الأوضاع خاصة خلال الفترة الأخيرة. ونشكر السيدة تانيا هاري على احاطتها التي سلطت الضوء على الاوضاع الصعبة في قطاع غزة.

السيدة الرئيسة،

ينعقد اجتماعنا اليوم في شهر شهد تطورات خطيرة في الأرض الفلسطينية المحتلة، لتشتد بذلك حالة التصعيد التي بدأت منذ مطلع هذا العام، وذلك رغم الاجتماعات العديدة لهذا المجلس ونداءات المجتمع الدولي المتكررة لوقف جميع الإجراءات أحادية الجانب. إن هذه الأوضاع تنذر بالمزيد من التداعيات المقلقة، مما يقتضي إحراز تقدم ملحوظ نحو إعادة التهدئة وخلق مسار سياسي واضح يمهد الطريق نحو إنهاء هذا الصراع وتحقيق حل الدولتين.

علينا الإقرار بأن الخطوات الاستفزازية المتلاحقة تدفع باتجاه تصعيد مستمر لم ولن تصب نتائجه في مصلحة أي طرف، والأحداث التي شهدها قطاع غزة وإسرائيل هذا الشهر تؤكد ذلك. ولهذا، لابد أن نشهد التزاماً واضحاً بوقف جميع الأعمال العدائية والتدابير غير الشرعية وممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتفادي الانجرار إلى مستويات غير مسبوقة من العنف والمواجهات واسعة النطاق.

وندين في هذا السياق الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق في قطاع غزة، وأسفرت عن مقتل وجرح مدنيين من بينهم أطفال ونساء. كما ندين الخطابات التحريضية التي تعالت في مسيرة الأعلام، وأيضاً الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك من قبل متطرفين وأعضاء في الكنسيت وأحد أعضاء الحكومة الإسرائيلية وآخرها اقتحام يوم الأحد الماضي من قبل الوزير بن غفير. فهذه الاستفزازات – التي تسببت باشتباكات بعد أيام قليلة من التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة – توضِح مدى هشاشة الأوضاع ومستويات الاحتقان الراهنة.

ونكرر مرة أخرى على موقفنا الراسخ والداعي إلى توفير الحماية الكاملة للمسجد الأقصى، واحترام دور المملكة الأردنية الهاشمية في رعاية المقدسات والأوقاف في مدينة القدس بموجب القانون الدولي. كما نشدد على الحاجة الملحة لرفض خطابات الكراهية والعنف، لاسيما في مناطق يشوبها التوتر.

وبينما تتحمل الأطراف مسؤولية العمل على خفض التصعيد، نؤكد على الدور الهام الذي تضطلع به جهود الوساطة الإقليمية والدولية لاحتواء الأوضاع والدفع باتجاه السلام، وآخرها المساعي الحثيثة التي بذلتها جمهورية مصر العربية، للتوصل إلى وقف إطلاق النار واستعادة التهدئة في غزة وحقن دماء المدنيين.

لهذا، من الضروري أن يواصل المجتمع الدولي العمل خلال الفترة المقبلة للحفاظ على وقف إطلاق النار الهش وتثبيتهِ بشكل مستدام، مع استكشاف مسارات جديدة لتهيئة بيئة مؤاتية للسلام، وخلق أفُق سياسي يعيد الأطراف إلى طاولة المفاوضات. ونتطلع في هذا الصدد إلى البناء على اجتماعات العقبة وشرم الشيخ وعدم التفريط بما حققتهُ من تقدمٍ في مسار المحادثات.

السيدة الرئيسة،

تظل الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في الأرض الفلسطينية المحتلة موضع قلق بالغ، خاصة في قطاع غزة الذي لا يتحمل مزيداً من التصعيد، حيث يعاني سكانهُ من مستويات عالية من الفقر والبطالة ولايزال يحاول التعافي من أحداث السنوات الماضية. ونرحب في هذا السياق باجتماع لجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة هذا الشهر، لمناقشة التحديات المتعلقة بتحسين الأوضاع الاقتصادية للشعب الفلسطيني وسبل معالجتها.

ولكننا ننوه أن تحسين الظروف المعيشية في الأرض الفلسطينية المحتلة، تقتضي بالدرجة الأولى وقف الأنشطة الاستيطانية المستمرة، وعمليات الهدم والتهجير، والقيود المفروضة على حركة السكان والبضائع، والتي تشكل جميعها انتهاكات للقانون الدولي، بما يشمل القانون الإنساني الدولي، وتُفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية. وندين في هذا الصدد قرار الحكومة الاسرائيلية مؤخراً بالسماح بإنشاء تواجد دائم في أحد البؤر الاستيطانية في شمال الضفة الغربية وأي محاولاتٍ لشرعنة هذه البؤر.

وختاماً، نؤكد على ما جاء في البيان الختامي للقمة العربية المنعقدة في مدينة جدة الأسبوع الماضي بضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية وفقاً للمرجعيات الدولية المتفق عليها وعلى رأسها مبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة، إذ يستحق الشعب الفلسطيني الشقيق العيش بأمن وسلام وكرامة.

وشكراً، السيد الرئيس.