تلقيها: الآنسة غسق شاهين، المندوب الدائم بالإنابة
السيد الرئيس،
أود في البداية أن أتقدم بالشكر إلى معالي تيموثي كابا، وزير الخارجية والتعاون الدولي في سيراليون، على عقد هذا الاجتماع الهام. كما أثمّن ما تفضل بهِ مقدمي الإحاطات من بياناتٍ قيّمة.
السيد الرئيس،
في الوقت الذي نصبّ فيه جل تركيزنا على إيجاد الحلول للأزمات المتفاقمة من حولنا، علينا ألا نغفل عن أهمية معالجة الأسباب الجذرية التي تؤدي لنشوب الصراعات من الأساس. وفي سياق النهج الشامل لاستدامة السلام، فلا بد من بذل جهود عملية، بما في ذلك جهود الدبلوماسية الوقائية، لمنع نشوب الصراعات، وحلها، ودعم التعافي في حالات ما بعد الصراع، ومنع النزاعات من الاندلاع مجدداً، وأن يسخر هذا المجلس ما يتوفر لديه من أدوات لتحقيق هذه الأهداف، بتنسيق وثيق مع لجنة بناء السلام.
ولابد أن يشمل ذلك تعزيز مبادئ التسامح والتعايش السلمي في المجتمعات، ومكافحة خطاب الكراهية والمعلومات المغلوطة والمضللة، والتي تؤدي في الكثير من الأحيان إلى نشوب الصراعات أو تأجيجها.
وبالمثل، يمكن تجنب تحديات انعدام الأمن الغذائي والنزوح القسري وما تسببه من نزاعات وأزمات، عبر اتخاذ إجراءات مبكرة للحد من تأثيرات التغير المناخي، وتنسيق الجهود الدولية بهذا الشأن، وتوسيع نطاقها، حتى لا تكون محصورة في معالجة وإدارة تداعيات التغير المناخي فحسب بل لتشمل أيضاً الإجراءات الوقائية.
وترى بلادي بأن بناء السلام بشكل فعال يتطلب التركيز على النقاط الثلاث التالية:
أولاً، يستدعي بناء السلام تعزيز سيادة القانون، مما يتطلب تطوير استراتيجيات عمل قوات الشرطة، وبالأخص في الدول التي تعاني من تدهور في الأوضاع الأمنية. ويشمل ذلك تمكين هذه الدول مناستخدام التكنولوجيا المتقدمة في العمل الشرطي، بما يشمل أنظمة الإنذار المبكر، وتدريب قوات إنفاذ القانون على أفضل الممارسات. ومن جانبنا، تولي بلادي أهمية خاصة لبناء القدرات من خلال دعم المبادرات ذات الصلة، وفي مقدمتها قمة الأمم المتحدة لرؤساء الشرطة لعام ألفين وأربعة وعشرين، وورشة العمل السنوية لإدارة أداء قادة شرطة الأمم المتحدة.
ثانياً، يجب الاستثمار في الحوكمة الرشيدة القائمة على سيادة القانون، حيث إن المؤسسات القوية تعتبر من أهم دعائم الاستقرار في أي دولة. لذلك، فمن المهم أن تسعى الدول التي تتمتع بتجارب مميزة في العمل الحكومي وتقديم أفضل الخدمات لشعوبها لنقل هذه الخبرات إلى الدول الأخرى، وبالأخص عبر برامج تبادل المعرفة، وبدأت بلادي منذ عام 2018 بتطبيق برنامج ساهم في دعم حوالي 35 دولة، بما في ذلك سبعة دول في حالات الصراع وما بعد الصراع، في مواكبة الاتجاهات العالمية، واللحاق بركب التطوير والتنمية.
ثالثاً، يجب تمكين المرأة من المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة في مسارات العمل والتنمية، بما في ذلك المجال الأمني. وقد شكّل ذلك الأساس لبرنامج تدريب المجندات المشاركات من أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط الذي قامت دولة الإمارات بتأسيسه بتعاون وثيق مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وكذلك “ورشة العمل العالمية حول المرأة والسلام والأمن في عمليات الشرطة لحفظ السلام” التي ستستضيفها بلادي في ديسمبر من العام الجاري. ومع وجود العديد من الأمثلة الناجحة لنساءٍ قمن بلعب أدوار هامّة في بناء السلام والوساطة ومنع نشوب النزاعات، بما في ذلك في جمهورية أفريقيا الوسطى، فما زال بإمكاننا تحقيق المزيد إن كرّسنا جهودنا المشتركة لهذه الغاية.
وفي الختام، السيد الرئيس، فإن صنع السلام يتطلب في المقام الأول احترام الإنسانية، والالتزام بالقانون الدولي، والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة. ومع قرب موعد انعقاد قمة المستقبل الشهر المقبل، وفي ظل الرؤية الخاصة بأجندة السلام الجديدة، يحظى المجتمع الدولي بفرصة لتجديد التزامه نحو بناء السلام وإدماجه في العمل متعدد الأطراف، من أجل غدٍ أفضل لأجيال الحاضر والمستقبل.
وشكراً السيد الرئيس.