مشاركة

سعادة عمران شرف، مساعد وزير الخارجية لشؤون العلوم والتكنولوجيا المتقدمة

السيد الرئيس،

أشكر معالي جو تيه-يول، وزير الشؤون الخارجية لجمهورية كوريا على رئاسته لهذه المناقشة المفتوحة، كما أثني على جمهورية كوريا لإدارتها أعمال مجلس الأمن لهذا الشهر باقتدار. والشكر أيضاً موصول إلى الأمين العام ومقدمي الإحاطات الآخرين على مساهماتهم القيمة.

مثلما سمعنا اليوم، لقد أصبحت التهديدات التي تواجه الفضاء السيبراني تتطور بسرعة مذهلة. فالأدوات والتقنيات الالكترونية الضارة، كبرامج الفدية والتصيد الاحتيالي وهجمات قطع الخدمة، أصبحت  تُستخدم لأغراض استهداف الشبكات الحكومية والقطاع الخاص مما يهدد البنية التحتية الحيوية والسلامة العامة. وهذا أمر مقلق في ظل عمليات التحول الرقمي التي تشهدها دولنا – بما في ذلك بلدي الإمارات، وفي ضوء اعتمادنا المتزايد على أنظمة الانترنت الآمنة.

ولم تنج المؤسسات التعليمية من هذا التهديد إذ تواجه خطر استهداف بنيتها الرقمية التعليمية وأصولها المعلوماتية القيمة من قبل جهات فاعلة خبيثة. علاوة على ذلك، لقد تسبب الاستخدام الضار لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بما في ذلك تقنيات الذكاء الاصطناعي الناشئة، في تضاعف التهديدات التي تواجه الصراعات الحالية.

وقد قامت دولة الإمارات، باعتبارها مركزاً عالميًا للتكنولوجيا والابتكار، بإنشاء مجلس للأمن السيبراني في عام 2020 لتحقيق تحول رقمي آمن ولتعزيز الأمن السيبراني في كافة القطاعات المستهدفة في الدولة. بالإضافة إلى ذلك، نحن ملتزمون ببناء القدرات وتبادل المعلومات مع شركائنا، والتشجيع على التصميم المسؤول للتكنولوجيا واستخدام “الذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام” من أجل مكافحة انتشار خطاب الكراهية والمعلومات المغلوطة والمضللة وتضخيمها. وفي إطار هذا الالتزام، قامت دولة الإمارات بالاشتراك مع ألبانيا باستضافة اجتماع بصيغة آريا لمناقشة هذه التحديات في ديسمبر 2023.

ومن هذا المنطلق، أود أن اقترح النقاط الأربع التالية من أجل النظر فيها:

أولاً، يجب الاسترشاد بالقانون الدولي عند استخدام تكنولوجيا الفضاء الالكتروني، إلى جانب احترام ميثاق الأمم المتحدة، والسيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ومسؤولية الدولة، وقوانين الصراع المسلح، وقواعد الأمم المتحدة المتعلقة بالسلوك المسؤول للدول في الفضاء الإلكتروني. كما أن معالجة الثغرات المعيارية في هذا المجال تتطلب مواصلة الجهود لتحقيق تقارب حول دعم واستمرار تطبيق القانون الدولي في المجال السيبراني.

ثانياً، تؤيد دولة الإمارات إدراج المخاوف المتعلقة بالمجال السيبراني ضمن أعمال مجلس الأمن المتعلقة بالسلم والأمن الدوليين. بحيث يتم الإشارة إلى المخاوف المتعلقة بالفضاء الالكتروني وأحدث التطورات والاتجاهات  ذات الصلة بشكل منتظم في الإحاطات والبيانات المقدمة إلى المجلس بشأن القضايا ذات الأولوية وكذلك في الملفات الخاصة بكل بلد والموضوعات الأخرى. فعلى سبيل المثال، أقر المجلس في القرار رقم 2341 بضرورة حماية البنية التحتية الحيوية ضد الهجمات الإرهابية، بما في ذلك الهجمات السيبرانية، واكد على ضرورة مواجهة التهديدات السيبرانية المرتبطة بالرقمنة والفضاء السيبراني.

ثالثاً، ينبغي على مجلس الأمن أن ينظر في عقد جلسة إحاطة سنوية بشأن التهديدات التكنولوجية الناشئة وآثارها على السلم والأمن الدوليين، إلى جانب نشر تقرير سنوي للأمين العام حول الأمن السيبراني بحيث يتضمن تقييماً شاملاً لحالة التهديدات السيبرانية على مستوى العالم وتوصيات تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي في هذا المجال. وينبغي أن يشمل ذلك أيضًا تحليل البيانات على أساس نوع الجنس لضمان الاستجابة بشكل أفضل للتهديدات التي تستهدف النساء والفتيات في الفضاء الإلكتروني.

رابعاً، يُعد تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص أمر بالغ الأهمية في تحسين الاستفادة من الخبرات والموارد المتاحة في مواجهة التهديدات السيبرانية بفعالية. وتؤكد دولة الإمارات في هذا الصدد على التزامها بالتعاون مع القطاع الخاص من أجل تطوير أدوات حماية للحفاظ على الأمن السيبراني، وبناء القدرات الوطنية والدولية، ودعم هذا القطاع لتمكينه من تصميم حلول آمنة ومسؤولة.

السيد الرئيس،

بالرغم من أن تسخير تكنولوجيا الفضاء الالكتروني يُعتبر أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لمستقبلنا، إلا أنه يتعين علينا أن نكون حذرين إزاء مخاطر هذه التكنولوجيا. ومن هنا، فإن التعاون الدولي وبناء القدرات يعتبران عنصران حيويان لتعزيز القدرة على مواجهة التهديدات المرتبطة بالأمن العالمي.

ومن جهتها، ستواصل دولة الإمارات التشجيع على السلوك المسؤول في الفضاء الإلكتروني وضمان انسجامه مع تطلعاتنا المشتركة نحو السلام والأمن.

وشكراً.