مشاركة

تلقيه معالي ريم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي

السيدة الرئيسة،

بدايةً، أتقدم لكم بوافر الشكر على عقد هذا الاجتماعِ الهام، والشكر موصول أيضاً لمعالي الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش ولمعالي السيد كريم خان، المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، على إحاطتيهما القيمتين.

لا شكَّ أنَّ اندلاع الحرب في أوكرانيا كان له أصداء مختلفة في المجتمعِ الدولي، فالبعض استشعر أنها تُنذر بشللٍ في منظومة العملِ متعدد الأطراف، وتخوف آخرُ من كونها بعث جديد لمخاطر وجودية ظنها اندثرت، وأخيراً هنالك من يرى خلفها عودة للقطبية التاريخية وتداعِياتها الدولية.

 وما كان لذاك التنوعِ في الرؤى إلا أن ينعكس في مواقف الدول، والتي تضمنت تبايناً حول كيفية معالجة الأزمة، والذي تجسد مراراً في مداولات هذا المجلس وهذه المنظمة.

وبالرغم مما تحتويه من فروقاتٍ واضحةٍ إلا أن مواقف الدول تضمنت أيضاً إجماعاً راجحاً حول مرجعية القانونِ الدولي وضرورة احترامه، يعود لكونه الفيصل بين ازدهارِ الحضارةِ وانعدامها في النظام العالمي.

حيث سن القانون الدولي، كما يعبر ميثاق الأمم المتحدة، ضوابط لتعاملات الدول وممارساتها المبنية على مبادئ السيادة، والاستقلال، وحسن الجوار، ووحدة وسلامة الأرض، والتي شكلت روافد لأمنِ الدول وإنمائها، ولا تمتثل في ذلك لتفاوت القوة أو الحجم.

السيدة الرئيسة،

لن تحيد الإمارات العربية المتحدة عن دعوتها الصريحة ومناشدتِها الثابتة لكافة أطراف هذه الحرب بالالتزام بالقانونِ الدولي، وبشكل خاص القانونِ الدولي الإنساني، واحترام حدوده والعمل بمقتضياته. وفي هذا الصدد، إنَّ مفاد التقارير عن خروقات يومية لهذا القانونِ مدعاةٌ لقَلقنا البالغ حول مآلات الحرب على المدنيين بالذات.

ونشير هنا إلى وضعِ النساء والأطفال، المهجرين منهم على وجه الخصوص، والذي تورد التقارير باستمرار تعرضهم للعنف الجنسي والاستغلال من قبل عصابات الجريمة المنظمة، بما في ذلك الاتجار بالبشر.

 وجميعنا يعلم كيف أن للحروب والنزاعات المسلحة وقع أكثر عنفاً وشدةً على النساء والفتيات، لذلك فإننا نرحب بكافة الجهود القائمة، بما في ذلك من قبل مؤسسات الأمم المتحدة، لمعالجة الوضعِ الإنساني مع مراعاة خصوصية عواقب الحرب عليهن.

ومع ضرورة التوصلِ إلى وقف الأعمال العدائية يظل السلام هدفنا الأسمى، والذي تتطلب استدامته مصالحةً شاملةً مُدعّمةً بالمساءلة والعدالة لضحايا الحرب. وكما نكرر ضرورة اضطلاع المرأة بدورها في حل النزاعِ وإرساء السَّلام بشكلٍ كاملٍ وفاعلٍ ومتساو، والذي يعكس ليس فقط خصوصية تجربتها في الحرب، بل ومركزية منظورها في صناعة السلام.

السيدة الرئيسة،

ستستمر دولة الإمارات في مسلكها الداعي للحوار وخفض التصعيد والتأجيج، وتشجيعِ التعاون، وصياغةِ توافق يضمن الاستقرار في الدول وبينِها. ونذكر هنا بملاحظة مهمة: لا يختلف القانون الدولي عن نظيره المحلي في أن الاستثناءات منه دون عواقب طبعت الممارسةَ في سباقٍ إلى القاع.

وفي الختام، أكرر نداء بلادي إلى الطرفين، وجميع الجهات الفاعلة، بالسعي لحلٍ سلمي ينهي هذه الحرب من خلال حوارٍ جامعٍ بنّاء. والذي يتطلب ترك قنوات الاتصال مفتوحة وطريقِ العودة مُشْرَعَة، إبقاءً لأفق الحل الدبلوماسي.

وكما هو جلي أمامنا، فإن العالم بمختلف مكوناته قلق من تبعات هذه الحرب بما في ذلك على النظام الدولي، وأمنِ الغذاء والطاقة، ومخاطر تعاظم هذه المواجهة.  ولذلك فعلينا تحمل المسؤولية الملقاة علينا، والتعاون من أجل أن نحدث نقلة في تجاوز التحديات العالمية الكبرى، بدلاً من المزيد من الانتكاسات بسبب الحروب والصراعات. 

إن هذا النهج، والمناداة به، هو خلاصة تجربتنا في منطقة الشرق الأوسط والتي أُنهِكَت شعوبها من التصميم العنيد على الهيمنة وإلغاء الآخر وإيثار المصالحِ الضيقة.

والذي لم، ولن، يُخلفَ إلا دماراً.

وشكراً، السيدة الرئيسة.