مشاركة

تلقيه معالي السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة

شكراً لك، السيد الرئيس.

أود بدايةَ أن أتقدم بالشكر لمعاليك وللغابون على دورها القيادي في عقد هذه المناقشة الملحة والتي تأتي في وقت بالغ الأهمية، والشكر موصول للأمين العام السيد أنطونيو غوتيريش ورئيس مفوضية الاتحاد الافريقي السيد موسى فقي محمد على التزامهما بتوطيد العلاقات بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.

وفي الوقت الذي نحتفل فيه بالذكرى السنوية العشرون لتأسيس الاتحاد الأفريقي، لابد لنا من الوقوف على العلاقات الهامة التي تربط تلك المنظمة بالأمم المتحدة، وانعكاس هذه العلاقات على السلم والأمن في إفريقيا. ولا شك أننا نتفق جميعاً على ضرورة العمل معاً وبجد لبحث سُبُل تعزيز هذه العلاقات، لاسيما من خلال البناء على اﻹﻃﺎر اﻟﻤﺸﺘﺮك ﺑﻴﻦ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة واﻻﺗﺤﺎد اﻷﻓﺮﻳﻘﻲ لعام 2017 والإطار المشترك لتنفيذ جدول أعمال 2063 وجدول أعمال 2030 لعام 2018.  وفي سياق ظهور عالم متعدد الأقطاب، ينبغي الاستفادة من تجربة الاتحاد الأفريقي وقدرة الجهات الفاعلة الأفريقية على اتخاذ القرارات، باعتبارها تمثل نموذجاً حقيقاً على العمل المتعدد الأطراف وتثبت فعلاً إمكانية وجود أشكال جديدة من التعاون وأنها أكثر فعالية وحيوية وتأثيراً على أرض الواقع.

ونستذكر هنا اجتماع المجلس في وقت سابق هذا العام لمناقشة بناء القدرات في إفريقيا، حيث أشارت دولة الإمارات إلى أن التحديات الأفريقية وانعكاساتها غالباً ما تمتد إلى خارج حدود القارة، نظراً الى ترابط هذا العالم وسرعة تطوره. كما أكدنا وقتها على أن الحلول الأفريقية، وليس التحديات فقط، لها أبعادٌ عالمية، وتبقى هذه المبادئ الرئيسية جديرة بالتأكيد عليها مجدداً. فبكل بساطة، السيد الرئيس، إننا في هذا معاً. ومن هذا المنطلق أود أن أطرح ثلاثة محاور حول سُبُل تعزيز الشراكة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي:

أولاً، من الضروري أن نمعن النظر في ماهية التعاون الناجح بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، بحيث ينبغي أن يعكس مثل هذا التعاون الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة بشكل ملموس. وبالنظر إلى أمثلة حديثة، فقد أدت المبادرات التي تعاونت فيها المنظمتان عن كثب الى تأثيرات مباشرة على أرض الواقع: ففي السودان، أبرزت “الآلية الثلاثية” الميزة النسبية للمنظمات الإقليمية ودون الإقليمية حين تعمل إلى جانب الأمم المتحدة في تيسير المحادثات بين الأطراف المعنية في السودان، وفي جمهورية إفريقيا الوسطى، استخدمت الأمم المتحدة “وحدة دعم الوساطة” للتواصل مع الاتحاد الأفريقي والجهات الافريقية الاخرى لتيسير التوصل الى اتفاق سلام شامل لنزع سلاح الجماعات المسلحة وتسريحها وإعادة إدماجها على نحو مستدام، وفي الصومال، أدّى التواصل المستمر بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وحكومة الصومال وغيرها، إلى الانتقال من بعثة “أميسوم” إلى بعثة “أتميس”، وهذه بعض الأمثلة التي يمكن للمجلس الأخذ بها عند النظر في تعزيز التعاون.

كما لدى المنظمات الإقليمية الكثير لتتعلمه من بعضها البعض، لا سيما عندما تكون هناك، وبكل وضوح، مسائل متداخلة وأولويات مشتركة بينها. ولهذا السبب، تواصل دولة الإمارات، بصفتها عضواً في جامعة الدول العربية، الدعوة إلى توطيد التعاون والتنسيق الثلاثي بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية.

ثانياً، وكما هو الحال مع أي شراكةٍ متينة، لابد أن يكون التعاون بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة قائماً على الثقة والاحترام المتبادل والتواصل المفتوح، لاسيما وأن المنظمتين تهدفان أساساً إلى دعم وتعزيز جهود بعضها البعض. وبالنسبة للمجلس يعني ذلك إبداء الثقة بحكمة وكفاءات المنظمات الأفريقية الإقليمية ودون الإقليمية، ليس عبر الأقوال فحسب، وانما أيضاً عبر دعم قيادتها وجهودها لإنهاء النزاعات الأفريقية. وكما أكدت دولة الإمارات في هذا المجلس مسبقاً، تتطلب الشراكات البنّاءة افساح المجال والوقت اللازمين ودعم الإجراءات التي تتخذها المنظمات الأفريقية من ضمن مجموعة الأدوات الدبلوماسية المتاحة لديها.

وكما يقر هذا المجلس، من الضروري تأمين موارد مستدامة ومرنة يمكن التنبؤ بها للعمليات التي يقودها الاتحاد الأفريقي والتي أذن بها مجلس الأمن – وهو موقف تم التعبير عنه بشكل واضح من قِبَل زملائنا الأفريقيين، وتدعمه دولة الإمارات بالكامل، ولابد أن يسعى المجلس التوصل إلى توافق حول هذه المسألة الهامة في أقرب وقت. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة إرسال إشارة واضحة تعكس وحدتهم من خلال زيادة البعثات والإحاطات والتقارير والإعلانات المشتركة، بما يعكس التقدم المحرز في بلورة فهمٍ مشتركٍ للقضايا الهامة، وكذلك اتباع نهجٍ مشتركٍ لمعالجتها.

ثالثاً، يتعين على الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي السعي لعكس وحدة الهدف في مواجهة التحديات الأكثر إلحاحاً لأفريقيا والعالم، ولا سيما التهديدات المتزايدة للإرهاب وتغير المناخ، مثلما أكد الأمين العام.

ويواصل المجلس الاستماع إلى تحذيرات مستمرة من الشخصيات البارزة في أفريقيا ومنطقة شرق الأوسط بشأن التهديدات العابرة للحدود التي تشكلها الجماعات الإرهابية، بما في ذلك خلال الاجتماع الذي نظمته كينيا بالتشارك مع دولة الإمارات بصيغة آريا في شهر أغسطس الماضي حول هذه المسألة، فالصورة التي رُسمت توضح وجود حلقة مفرغة، حيث يستغل الإرهابيون مواطن الضعف في الهيكل الدولي لمكافحة الإرهاب، مما يؤدي بدوره إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية للأشخاص الأكثر ضعفاً.

وفيما يتعلق بالتصدي للتحديات المتعلقة بتغير المناخ، يتعين على الدعم الخارجي مواءمة أولويات القارة، وعلى نطاقٍ يتناسب مع المستوى المطلوب من قِبل أولئك الذين يعيشون في أوضاعٍ معرضةٍ للتأثر بالمناخ في أنحاء القارة. ونتطلع إلى سماع المزيد من وجهات النظر الأفريقية في الاجتماع القادم غداً حول المناخ والأمن في إفريقيا.

وكما أشار الآخرون، السيد الرئيس، هناك مجال لتنمية هذه الشراكة، إذ سيستفيد هذا المجلس بالفعل من وجود تمثيل أفريقي أقوى داخله. ونرى أن الالتزام المتجدد بشأن هذا الموضوع هو تطور جدير بالإشادة ونأمل أن يؤدي إلى نتائج ملموسة.

وفي الختام، السيد الرئيس، تتطلب الجهود الإقليمية دعماً دولياً، الأمر الذي يعني أن نقوم بالفعل بالاستماع والتواصل وتقديم الدعم اللازم للاتحاد الأفريقي والمنظمات دون الإقليمية الأخرى، ويتمثل دور المجلس هذا في تشجيع أوجه التضافر والتعاون لتحقيق غايتنا المشتركة في السلام والأمن والاستقرار. 

وشكراً، السيد الرئيس.