السيدات والسادة أعضاء الوفود:
يسرني في البداية أن أعرب عن تأييد وفد دولة الإمارات لبيان حركة عدم الانحياز وبيان منظمة التعاون الإسلامي. ونظرا لعدم وجود توافق في الآراء بشأن أهلية رئيس هذه اللجنة الهامة، وخاصة في ضوء ولايتها فيما يتعلق بالمسائل القانونية، في المقام الأول بالنسبة لاحترام وتعزيز القانون الدولي، نود أن نعرب عن تهانينا لأعضاء المكتب ونعرب عن أملنا في أن تكون هذه الدورة بناءة وناجحة تسهم في تعزيز سيادة القانون ومعالجة العديد من التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي في هذا الوقت الحرج.
إن اجتماعنا اليوم لمناقشة البند المعنون “التدابير الرامية الى القضاء على الإرهاب الدولي” واعتمادنا هذا العام الاستعراض الخامس لاستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب بالإجماع وإصدار خطة عمل لمنع التطرف العنيف يظهر مدى اتفاق المجتمع الدولي بشأن خطورة الإرهاب وضرورة التوحد لمواجهة هذه الآفة العالمية. وفي هذا السياق، تثني دولة الإمارات على جهود المنظمة ومركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في هذا المجال.
السيدات والسادة أعضاء الوفود:
تواجه منطقتنا والعديد من دول العالم أزمات وصراعات استمرت لأعوام عدة ونتج عنها اندلاع موجات من الإرهاب الأسود واتخاذها اشكالاً غير مسبوقة من البشاعة والإجرام لتثير الذعر في كافة أرجاء العالم. وكانت النتيجة أن أصبحت منطقتنا ثكنة للجماعات المتطرفة والإرهابية. كذلك أسهمت التدخلات الإقليمية الى زعزعة استقرار المنطقة وإثارة الفتن فيها.
وكما شهدنا في الآونة الأخيرة فقد استطاعت الجماعات الإرهابية تطوير أساليبها في التمويل والتجنيد وشن الهجمات، متسببة في وقوع الآف من القتلى والجرحى المدنيين وتفاقم أزمة المهاجرين وتدمير الإرث الحضاري والانساني. وعملت الجماعات المتطرفة والإرهابية على نشر الكراهية والعنف بين الشعوب، فلم يعد الإرهاب محصورا في حدود دولة معينة بل أصبح العالم أجمع مسرحا لعملياته.
إن هذه التحديات تحتم علينا تضافر الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والعمل معا بشكل حثيث ومشترك لإيجاد الحلول المناسبة التي تكفل معالجة مسببات الأزمات واقتلاع الإرهاب من جذوره.
ومن هذا المنطلق حرصت دولة الإمارات على أن تكون الوقاية نهجا لسياستها، فاتخذنا تدابير تمنع التطرف قبل أن يتحول إلى تطرف عنيف، وعملنا على تأصيل قيم التسامح والتعايش واحترام التعددية الثقافية في المجتمع. كما قمنا بإشراك كافة فئات المجتمع خاصة الشباب والمرأة في بناء الدولة وتعزيز مشاركتهم في مسيرة التنمية الوطنية.
ويتطلب تحصين مجتمعاتنا كشف أكاذيب الجماعات المتطرفة والإرهابية وفضحها وإتاحة الفرصة للأصوات المعتدلة للملايين الرافضة للممارسات الإرهابية. وفي هذا السياق، تعمل دولة الإمارات بالتعاون مع الولايات المتحدة على مكافحة الرسائل التي ينشرها تنظيم داعش الإرهابي عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال مركز “صواب”. كذلك، يعمل “مجلس حكماء المسلمين” في أبو ظبي على التعريف بالوجه الحقيقي للإسلام وتعزيز قيم السلام ونشر الوعي.
علاوة على ذلك، فإن سن القوانين والتشريعات الوطنية والانضمام للمعاهدات الدولية أمرٌ بالغ الأهمية في حربنا على التطرف والإرهاب. وعليه، فقد انضمت دولة الإمارات إلى أكثر من 15 اتفاقية إقليمية ودولية معنية بمكافحة الإرهاب. وأصدرت بلادي العديد من القوانين الوطنية لمكافحة الإرهاب بحيث تتيح هذه القوانين محاكمة الارهابيين ومحاربة تمويلهم وتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ونبذ خطاب الكراهية. فمواجهة الحركات الإرهابية حق علينا وواجب، لكن اللجوء إلى قوانين عمياء تتجاهل الدور الفعال لعدد من الدول في محاربة الإرهاب بعد أن قاسى منه الآخرين، كما هو الحال مع قانون جاستا في الكونغرس الأمريكي، الأمر الذي من شأنه الانزلاق للسياسات العشوائية التي تؤدي إلى زعزعة العلاقات المتينة بين الحلفاء.
السيدات والسادة أعضاء الوفود:
تشمل السياسة الصارمة التي تنتهجها دولة الإمارات في حربها على الإرهاب تنسيق الجهود الدولية وتبادل أفضل الممارسات والخبرات. فعلى سبيل المثال، شاركت بلادي في التحالف الدولي ضد داعش الذي حقق العديد من الإنجازات أهمها الحد من قدرات تنظيم داعش ووضع حد لحركته وكبح قدراته في الحصول على الدعم المالي. ومن خلال مشاركتها في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب أصبحت دولة الإمارات رئيس مشارك مع المملكة المتحدة لمجموعة عمل مكافحة التطرف العنيف التي تعمل حالياً على إنشاء مركز جديد لـ “هداية” في واشنطن.
كذلك تعمل دولة الإمارات على تنسيق الجهود الدولية لحماية الإرث الثقافي والتاريخي للشعوب من الجماعات الإرهابية التي تسعى إلى تدميره. وفي هذا الصدد، ستستضيف بلادي، بالتعاون مع الجمهورية الفرنسية، مؤتمرا دوليا في ديسمبر المقبل لمناقشة هذه التحديات وإيجاد حلول لها، بالإضافة الى إنشاء صندوق دولي وشبكة دولية من المراكز الآمنة لإيواء وحفظ الممتلكات الثقافية.
وتؤكد دولة الإمارات على ضرورة أن يتم التوصل إلى الاتفاقية الشاملة المتعلقة بالإرهاب الدولي وأن يتم بموجبها وضع تعريف دولي واضح للإرهاب.
وختاماً، فإن الإمارات العربية المتحدة لن تتوانى عن تقديم الدعم للجهود الإقليمية والعالمية لتحقيق التنمية والعدالة والاستقرار وبما يتناغم مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وشكرا!