مشاركة

يلقيه: السيد/ سعود المزروعي، المنسق السياسي بالانابة

السيد الرئيس،

أرحب بالممثلة الخاصة السيدة ماريا إيزابيل، متمنيين لها خالص النجاح والتوفيق في منصبها الجديد، ونؤكد على دعمنا الكامل لها ولمؤسسات الأمم المتحدة، ومنها مكتب بينو، لدورهم الهام في تحقيق الأمن والاستقرار في هايتي. وأشكر أيضاً السيدة غادة والي على بيانها الشامل، وأرحب بمشاركة وزراء خارجية هايتي وجمهورية الدومينكان وكذلك ممثل كندا في اجتماع اليوم.

ومع استمرار تفاقُم الأوضاع في هايتي، نُؤكد أن الحل السياسي يظل جوهر أي نهجٍ شاملٍ لمعالجة التحديات متعددة الجوانب، الأمر الذي يحتم مواصلة العمل على توسيع نطاق الحوار السياسي، وضمان مشاركة جميع الأطراف المعنية وبحسن نية لإنجاح هذه الجهود. فقد أصبحت المعاناة واقعاً مفزعاً يعيشه شعبه هايتي يومياً بسبب الركود الاقتصادي والجمود السياسي والعنف غير المسبوق. ولهذا، فإن إحراز أي تقدم على المسار السياسي سيساهم، بلا شك، في تخفيف هذه الأزمة المتشابكة والمعقدة في هايتي، وبالتالي توطيد الاستقرار فيها على المدى البعيد.

وأود في هذا السياق التركيز في بياني على المسائل التالية:

أولاً، لايزال يساورنا قلقٌ بالغٌ إزاء تنامي العنف في هايتي، والذي طالت تهديداته حتى المديريات والأقاليم التي كانت سابقاً مناطق آمنة من عنف العصابات، وهو ما تؤكده التقارير المروعة هذا الأسبوع بشأن إحراق الأفراد، وتعليق منظمة أطباء بلا حدود أنشطتها في العاصمة والذي يعد جزءاً من توجه متصاعد باتت تتخذه المنظمات غير الحكومية الدولية والتي أُجبرت على وقف بعض عملياتها رغم الحاجة الماسة لمواصلتِها.

ولهذا، من الضروري مواصلة إعطاء الأولوية لبناء قُدرات الشرطة الوطنية الهايتية وتحسين مهارتِها على الاستجابة لهذه التحديات، إلى جانب العمل على تعزيز تدابير مكافحة الفساد والتهريب وانتشار الأسلحة غير المشروعة والتدفقات المالية المحظورة. ونُرحب في هذا السياق بالجهود الإقليمية المبذولة لمعالجَة التداعيات المحلية والإقليمية للأوضاع الراهنة، ومنها زيارة وفد رفيع المستوى للجماعة الكاريبية في فبراير الماضي، ونُقدر كذلك جهود مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في هذا الجانب.

ثانياً، من المهم دعم النُهُج التي يقودها الهايتيين للحد من العنف المجتمعي والتي تضطلع بدورٍ هام أيضاً في تحسين الأوضاع الأمنية ومعالجة التحديات الإنسانية في هايتي، خاصة تلك التي يشارك فيه الشباب. كما تَكتَسي هذه النُهُج أهمية في ظل استمرار تجنيد الأطفال وإغلاق المدارس، حيث يمكنها الحد من مستويات تأثر الشباب الهايتيين بالأوضاع الراهنة واعطاءهم الفُرصة لبناء مستقبلٍ أفضلٍ لهم.

ثالثاً، تُمثِل سيادة القانون بوصلة تَسترشِد بها الدول للتعامل مع التحديات المرتبطة بانعدام الأمن وانتشاره على نطاق واسع كما يحدث حالياً في هايتي. فسيادة القانون تمثل دعامة أساسية للعدالة والمساءلة خاصة عند التعامل مع جرائم بشعة مثل جرائم العنف الجنسي. فقد أشارت تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 30% من النساء في هايتي ممن تتراوح أعمارهن بين 15 و30 عاماً تعرضن للاعتداء الجنسي أو العنف. ومن المهم أن تُشكِل مؤسسات الدولة المُستندَة إلى نظام قوي لسيادة القانون أداة لتحقيق عدالة سريعة وقاطعة للناجين من هذا العنف، وأيضاً ملاذاً أمناً لهم، خاصة مع خوفهم من التعرض للانتقام بسبب لجوئهم للعدالة. وهذه المسألة ضرورية في ظل الجهود الراهنة لتعزيز القطاع القضائي في هايتي.

وختاماً، السيد الرئيس، تواجِه هايتي أحد أسوأ الأزمات الإنسانية في عالمنا اليوم وتعاني كذلك من نقص في تمويل الاستجابة الإنسانية لها. ونشير هنا إلى التقارير المروعة حول عنف العصابات، وتزايد معدلات النزوح الجماعي، وتجنيد الأطفال، وانتشار العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس، والتي تفاقمت جميعها بسبب القيود المفروضة على وصول الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية، وتعاقب سنوات من الجفاف، إلى جانب تزايد انعدام الأمن الغذائي وانتشار الكوليرا. ونؤكد على ضرورة احترام وحماية الأطفال والنساء والفتيات في هايتي، وكذلك فيما يتعلق بالمستشفيات والمؤسسات التعليمية والمرافق الإنسانية. وبسبب افتقار المؤسسات الوطنية للقدرات اللازمة للاستجابة لهذه التحديات، تواصل العصابات المسلحة توسيع أنشطتها الإجرامية بالتزامن مع اقتراب موسم الأعاصير والذي سيؤدي بلا شك إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. لهذا، يجب أن تبقى هايتي قيد تفكيرنا في ظل ما تمر به من تحديات.

وشكراً، السيد الرئيس.