مشاركة

يلقيه سعادة السفير محمد أبو شهاب
نائب المندوبة الدائمة

السيد الرئيس،

إن الكراهية اللاعقلانية نحو أي جماعة ما هي الا نتيجة للانغلاق الفكري، فهي تحول دون التعاطف مع الآخرين في وقت تشتد فيه الحاجة الى فهم الآخر.

ومن هذا المنطلق، أود التركيز اليوم في بياني على النقاط الثلاث التالية:

أولاً، لطالما حرصت دولة الإمارات على تبني موقف حازم ضد التعصب بجميع أشكاله ومظاهره، ولم يتغير هذا الموقف.

ففي بلد تعيش فيه أكثر من مئتي جنسية بسلام، نعي تماماً أهمية ترسيخ التسامح بما يعود بالنفع على الجميع، إذ لا يجب أن يتعرض أي شخص للتمييز أو الاحكام المسبقة بسبب جنسيته أو عرقه أو دينه.

وقد افتتحنا هذا الشهر بيت العائلة الإبراهيمية في أبوظبي، والذي يضم مسجداً وكنيسة وأول كنيس يهودي في دولة الإمارات، بالإضافة إلى مركز تعليمي، ليشكل بذلك نموذجاً حياً على التعايش السلمي وليعكس الأهمية البالغة التي نوليها لتعزيز الانسجام والوئام بين الأديان.

إن الأعمال المرتبطة بمشاعر الخوف والكراهية اللاعقلانية تجاه أي جماعة هي أعمال تتعارض مع بناء مجتمعات متماسكة ومزدهرة، مما يستوجب مواجهة الخطاب الداعِ إلى التعصب والكراهية متى وأينما وُجد.

ثانياً، يقع على عاتقنا جميعاً مسؤولية ترسيخ الاحترام تجاه الآخر بحيث يصبح معياراً عالمياً.

فكما قيل مراراً وتكراراً، يوجد تصاعد مستمر في الخطاب المحرض على الكراهية حول العالم.

وقد شهد هذا المجلس في أحيانٍ كثيرة انتشار التعصب في مناطق النزاع، وتسببه في قتل الأرواح وتدمير المجتمعات ومحو تاريخها في حالات تصاعده إلى حده الأقصى.

وحتى حين يتوقف القتال في نهاية المطاف، قد يؤدي عدم التسامح والكراهية إلى تقويض جهود المصالحة ما بعد النزاع والحيلولة دون إحلال سلام مستدام.

لذلك، يتعين على مجلس الامن مضاعفة جهوده للتصدي لانتشار خطاب الكراهية والتعصب، بما في ذلك عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة.

كما يُشكل الاستخدام المسيء للتكنولوجيا لنشر خطاب الكراهية والمعلومات المغلوطة والمضللة في مناطق النزاع تحدياً معقداً على نحو خاص.

ثالثاً، يأتي موضوع اليوم بمثابة تذكير للمجلس حول ضرورة إعطاء الأولوية لحل النزاع وأن يتم في نهاية المطاف وقف الأعمال العدائية في أوكرانيا. إذ يجب أن يتمثل هدفنا الرئيسي في تحقيق سلام عادل ودائم.

ونرحب في هذا السياق بالجهود التي بذلتها جميع الأطراف لتمديد مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب والتي فضلاً عن تأثيرها الإيجابي على الأمن الغذائي العالمي، تعكس إمكانية إجراء حوار بناء حتى في ظل احتدام الصراع بين الطرفين.

السيد الرئيس،

إن وجود توجه عالمي نحو كراهية الأجانب لن يصب في مصلحة أحد، فهي تؤدي إلى استمرار العنف في حالات النزاع، وتشويه ثقافات بأكملها، الى جانب التحريض ضد المدنيين، بل ومعاقبة الأفراد دون ذنب أو جريمة. لذلك، علينا أن نظل يقظين ضد كراهية الأجانب بكافة أشكالها ومظاهرها ليتسنى بناء السلام واستدامته.

وشكراً السيد الرئيس،