مشاركة

استضافت سعادة السفيرة لانا زكي نسيبة المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة مؤخرا في مقر الأمم المتحدة بنيويورك حلقة نقاش بعنوان “اتباع نهج تحولي نحو تحقيق العدالة الانتقالية: بناء سلام دائم للجميع”.

وشارك في هذه الحلقة عدد من المسؤولين رفيعي المستوى في الأمم المتحدة في مقدمتهم سعادة يان إلياسون وكيل الأمين العام للأمم المتحدة وسعادة زينب بانغورا الممثلة الخاصة للأمين العام لشؤون العنف الجنسي في النزاعات وبروفسورة القانون السيدة فيونوالا ني أولين من جامعة مينيسوتا للدراسات القانونية والسيد روبن كارنزا مدير في برنامج العدالة الإصلاحية – المركز الدولي للعدالة الانتقالية والسيدة الواد علمان مديرة البرامج والتنمية في مركز علمان للسلام وحقوق الإنسان والسيدة معيشة علام مديرة مساعدة في معهد جورج تاون للمرأة والسلام والأمن.

وفي مداخلتها أمام هذه الحلقة شددت السفيرة نسيبة على الدور الحيوي الذي تلعبه العدالة الانتقالية في مساعدة المجتمعات على تصحيح الإرث المتراكم للإساءات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ترتبط بالماضي العنيف.

وأوضحت أن آليات العدالة الانتقالية تساعد في ضمان الخضوع للمساءلة وتحقيق العدالة والمصالحة حيث أصبحت مكونات أساسية للجهود الرامية الى تعزيز سيادة القانون وهي جزء لا يتجزأ من أجندة بناء السلام”.

كما سلطت نسيبة الضوء على التحديات التي تواجهها المرأة عند محاولتها الوصول إلى قطاع العدالة في مناطق ما بعد الصراع، ونوهت إلى أن نفس هذه العقبات تجعل من الصعب على المرأة أن تشارك في صياغة سيادة القانون وتطبيقه الأمر الذي يعتبر حاسما في تحقيق السلام الدائم.

ودعت إلى اتباع نهج تحولي لتحقيق العدالة الانتقالية بحيث يأخذ في الحسبان، وفقا لمنظور دولة الإمارات، زيادة الوعي بالمعايير السائدة في المجتمعات الخارجة من الصراع .

وذكرت أنه وبحسب كل حالة على حدة يتعين تطوير آليات العدالة الانتقالية بطريقة محددة السياق ووفق مجموعة واسعة من وجهات النظر الثقافية.

وعبرت عن إيمانها بأن الوعي بالسياق المحلي هو عامل أساسي لتحقيق العدالة للمرأة ولتطوير الآليات اللازمة لمكافحة الجرائم التي تعاني منها المرأة في حالات الخروج من الصراع، مستعرضة التزام دولة الإمارات بالتمسك بمبادئ سيادة القانون وضمان مشاركة المرأة في جميع الميادين بما فيها النظام القضائي.

من جانبه تحدث يان الياسون وكيل الأمين العام، مشددا على أنه يتعين على الجميع أن يعمل أكثر من مجرد تعزيز التوازن بين الجنسين في آليات العدالة الانتقالية بحيث تشمل هذه الجهود أيضا معالجة أوجه التفاوت التي تفضي إلى ارتكاب هذه الانتهاكات.

وأشار الياسون الى أن احترام حقوق المرأة يعزز السلام والتنمية المستدامة، مؤكدا على أن تحقيق السلام مرتبط بصورة وثيقة بالمساواة بين الرجل والمرأة.

من جهتها استعرضت بانغورا الممثلة الخاصة للأمين العام لشؤون العنف الجنسي في النزاعات الأثر التطوري الناجم عن التعويضات، وقالت “نرى قرنا بعد قرن وحربا بعد حرب إن العدالة لا تقتصر على معاقبة مرتكبي الجرائم فحسب وإنما تركز على تمكين الضحايا”.

وشددت على أن تعويض الضحايا المتضررين هو اعتراف قوي بأنهم أصحاب حق.

كما استعرضت السيدة فيونوالا ني أولين تجربتها الشخصية في عملية السلام في شمال ايرلندا مشددة على أن ضمان التحول يتطلب تحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة حيث ردد جميع المتحدثين التأكيد على تمكين المرأة اقتصاديا.

وتحدث أيضا السيد روبن كارنزا عن قوة العدالة الانتقالية مشددا على أهمية استخدام لجان تقصي الحقائق والتعويضات والإصلاح المؤسسي وتدابير العدالة القضائية لتوجيه عملية التحول حتى وإن لم تحقق هذه العوامل التحول المطلوب.

وحرصت السيدة الواد علمان على استعراض تجربتها الخاصة في الصومال، مشددة على أهمية جعل مشاركة المرأة في العدالة الانتقالية أولوية قصوى “لعمليات مصممة بمشاركة النساء وليس عنهن فقط”.

وفي ملاحظاتها الختامية شددت السيدة معيشة علام من معهد جورج تاون على أنه ولتحقيق التحول المطلوب يتعين على مبادرات العدالة الانتقالية أن تركز على الضحايا، وأن تعزز دور سيادة القانون .

واضافت “أنه في الوقت نفسه يجب على المرأة أن تكون قادرة على الوصول إلى مبادرات العدالة الانتقالية ليس بوصفها ضحية وإنما بصفتها قاضية ومدعية عامة ومحققة وشاهدة خبيرة وذلك كي تكون مشاركتها متعددة الأبعاد”.

كما أظهرت نتائج مناقشات هذه الحلقة أهمية خاصة لعملية اتخاذ نهج تحولي لتحقيق العدالة الانتقالية على أمل أن يتمكن النظام القضائي من معالجة الانتهاكات التي تواجهها المرأة خلال الصراعات والتصدي لها بصورة افضل.

وشدد المتحدثون على أن النهج التحولي يستلزم أيضا تعزيز وصول المرأة الى آليات العدالة الانتقالية ومشاركتها الفعالة في تصميم وتنفيذ هذه الآليات.

تجدر الاشارة الى أن هذه الحلقة الرابعة من مجموعة الحلقات النقاشية التي ترعاها بعثة الدولة في الامم المتحدة عن المرأة والسلام والأمن بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة بوصفها الأمانة العامة للدراسة العالمية المعنية بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1325 لعام 2000، بالإضافة الى معهد جورج تاون المعني بالمرأة والسلام والأمن لدعم الدراسة العالمية المعنية باستعراض التقدم الذي أحرزه القرار 1325 حول المرأة والسلام والأمن والتحديات التي واجهها وهي الدراسة التي تدعمها دولة الإمارات ماليا.

وتفضي كل حلقة إلى موجز يتم إعداده بالشراكة مع معهد جورج تاون للمرأة والسلام والأمن يتضمن ما تناولته هذه المناقشات كما ستوفر هذه الملخصات معلومات وافية الى الدراسة العالمية وستكون متاحة على شبكة الإنترنت الخاصة بهيئة الأمم المتحدة للمرأة.