أكدت الإمارات العربية المتحدة على التزامها التام في الحلول السياسية والعمليات الأممية الداعمة لهذه الحلول، خاصة في كل من اليمن وسوريا وليبيا، وذلك في إطار جهودها التي تبذلها في هذه المناطق وأنحاء العالم من أجل تعزيز السلام الدائم.

جاء ذلك في البيان الذي أدلى به معالي زكي نسيبة، وزير الدولة أمام الاجتماع الرفيع المستوى الذي عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس في مقرها الرئيسي في نيويورك، بشأن مسألة “بناء السلام والحفاظ على السلام”، وقد أعرب في مستهله عن تأييد الدولة للقرار الذي اعتمدته الجمعية بشأن موضوع الاجتماع، وأيضا دعمها لمقترحات الإصلاح التي قدمها الأمين العام لتعزيز ركيزة السلام والأمن في الأمم المتحدة.

وقال “لقد تعلمنا في هذا الجهد الجماعي المتعدد الأطراف والجنسيات أن بناء السلام ليس عملاً يُنفذ لمرة واحدة، بل هو جهد متواصل يجمع بين وسائل الوقاية، والتنمية المستدامة، والمساعدة الإنسانية، وحفظ السلام، وإعادة الإعمار في الدول المتأثرة بالأزمات، والدول التي مزقها الصراع أو تمر بمرحلة ما بعد الصراع”.

وشدد معاليه على أهمية شمولية أي نهج فعال يُهدف إلى بناء السلام والحفاظ على السلام بما في ذلك أن يكون مُراعياً للسياق الوطني للدول وللديناميات الإقليمية، والعوامل الدولية الأخرى التي تحرك الصراع، وأيضا أن يكون داعما للملكية الوطنية بما في ذلك الحلول والإصلاحات السياسية والمؤسسية.

كما استعرض معالي زكي نسيبة في معرض بيانه النهج التي تتبعه دولة الإمارات نحو السلام، مشيراً إلى أنه نهج طويل الأجل، ومتعدد الجوانب، ويتمحور جوهره في إطار الوقاية.

كما نوه إلى محاور السلام الأربع التي تعمل دولة الإمارات حاليا من خلالها، وهي أولا، المساهمة بفعالية في الهيكل الأمني الإقليمي من خلال المشاركات العسكرية. وقال “نحن الدولة العربية الوحيدة التي تشارك في ستة تحالفات دولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان، وليبيا، والصومال، والبوسنة وكوسوفو، وحرب الخليج، وكذلك في القتال ضد داعش”.

ثانياً، التزام دولة الإمارات، باعتبارها أحد أعضاء التحالف العربي، بإعادة إعمار اليمن وتقديم المساعدة إليه، وقال “لقد أطلق التحالف العربي عملية إنسانية شاملة في اليمن، وهي عبارة عن برنامج إغاثة موسع يوفر تمويلا غير مسبوق للمعونات الإنسانية في اليمن، ويتم توزيعه عبر وكالات الأمم المتحدة المعنية ومنظمات الإغاثة الدولية.”

ثالثا، الالتزام المستمر للإمارات تجاه اللاجئين السوريين والمشردين داخليًا، ولفت بهذا الشأن تقديم حكومة الإمارات لأكثر من 861 مليون دولار أمريكي على صورة مساعدات طارئة منذ عام 2012، وذلك بهدف دمج اللاجئين السوريين والمشردين داخليًا بشكل أفضل داخل مجتمعاتهم.

رابعا، إعادة بناء المؤسسات الحكومية في العراق من خلال تعزيز سيادة القانون وإعادة الخدمات إلى المناطق التي تم تحريرها من سيطرة داعش. لافتا بهذا الشأن إلى تعهد الإمارات بالمساعدة في إعادة بناء الجامع الكبير ومنارة الحدباء في الموصل اللذين دمرهما داعش عام 2017.

وأعرب معالي نسيبة عن إدراك دولة الإمارات لأهمية الدعوة التي أطلقها الأمين العام بشأن “زيادة الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق السلام” باعتبارها الركيزة الأساسية لأي استراتيجية تهدف إلى منع نشوب الصراعات.

وشدد في السياق ذاته على أهمية ارتكاز جهود منع الصراع وبناء السلام المتعددة الأطراف على مسألة إنهاء تمويل ودعم التطرف والإرهاب، وقال “لهذا السبب اتخذت دولة الإمارات، جنبا إلى جنب، مع الشركاء والحلفاء إجراءات تهدف إلى وقف هذه الدول وإنهاء السياسات التي أدت إلى زعزعة استقرار منطقتنا”.

وأضاف “إن جهود دولة الإمارات لبناء السلام لا تقتصر على منطقتنا فحسب، فنحن نقدم أيضاً مساعدات إنسانية إلى النازحين من طائفة الروهينجا، ولا زلنا نشعر بالقلق البالغ لتعرضهم للاضطهاد”. 

أكد نسيبة على أن جهود دولة الإمارات تعتمد في مجال بناء السلام على الشراكات، وعلى دعم تمكين الشعوب المتضررة، خاصة الشباب والنساء، وذلك في مجال المشاركة وفي عملية صنع القرار. 

وأشار إلى أن مفتاح منع الصراعات وإدارتها والتصدي لها يكمُن في التوسع الفعال لنطاق الجهود المبذولة حاليا في إطار العملية المتواصلة لبناء السلام. 

واختتم معالي زكي نسيبة وزير الدولة بيانه مقترحا على وكالات الأمم المتحدة وشركائها من الدول الأعضاء أربعة خطوات لتحقيق هذه الأهداف وهي: اتخاذ إجراءات جماعية تهدف إلى تحديد الدول الداعمة والممولة للإرهاب ومحاسبتها، والتشاور مع الجهات الفاعلة الوطنية والإقليمية لتحسين عملية اتساق السياسات وتنفيذها، واستخدام البيانات في إجراء تقييمات مبنية على الأدلة لتحديد التمويل المستدام اللازم لأنشطة منع الأزمات، وإدارة الصراعات، وأخيرا تعميق الشراكات الاستراتيجية العالمية كعوامل قوة تضاعف من تأثير الأمم المتحدة.