مشاركة

جددت الإمارات العربية المتحدة في مجلس الأمن الدولي الليلة الماضية استعدادها للاضطلاع بدورها في تعزيز ركائز القانون الدولي، مقترحة قيام الأمين العام للأمم المتحدة بإعداد تقرير عن الوسائل المختلفة لتسوية المنازعات، ليكون بمثابة مرجع للدول يساعدها على استخدام وممارسة هذه الوسائل في التخفيف من حدة النزاعات.

جاء ذلك في البيان الذي أدلت به سعادة لانا زكي نسيبة المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة أمام المناقشة المفتوحة التي عقدها مجلس الأمن الدولي أمس حول مسألة “تدعيم القانون الدولي في سياق الحفاظ على السلم والأمن الدوليين”.

ونوهت سعادتها في مستهل بيانها إلى أن حرص مشاركة وفد الدولة في هذه المناقشة لكون المبادئ الأساسية التي يقوم عليها ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي بإطاره الأوسع هي ذات المبادئ التي ترتكز عليها السياسة الخارجية لدولة الإمارات. ولفتت إلى أنه بالنسبة للدول الصغيرة فإن النظام المتعدد الأطراف المبني على القواعد والقانون الدولي يعدان ضروريان لضمان حصول هذه الدول على حقوق متساوية باعتبارها جزءا من المجتمع الدولي وأيضاً من أجل حمايتها من جميع أشكال إساءة استخدام القوة والهيمنة من قبل البعض.

كما استعرضت موقف الدولة إزاء أبرز مستجدات القضايا الدولية الراهنة معربة في هذا السياق عن قلقها البالغ إزاء تراجع احترام القانون الدولي حول العالم وعن قناعة الدولة بأن عالم بدون نظام دولي قائم على القواعد هو عالم تسوده الفوضى وعدم الاستقرار وتنشط فيه العناصر المارقة التي تستهين بالقواعد والأعراف الدولية وتتعرض فيه العلاقات القائمة على الثقة بين البلدان إلى الانهيار وتُترك الفئات الأشد ضعفاً في المجتمعات للمعاناة دون أي فرص للجوء للعدالة.

ولفتت الأنظار إلى عدم وجود منطقة في العالم يتعرض فيها احترام القانون الدولي للتحديات مثلما يحدث في منطقة الشرق الأوسط مشيرة إلى التطورات التي حدثت في المنطقة مؤخرا.

وقالت لقد شهدنا كيف كان الوضع مأساويا في غزة في الرابع عشر من مايو الجاري والذي أسفر عن سقوط أكثر من 60 ضحية من المدنيين الأبرياء الفلسطينيين بنيران دولة عضو بالأمم المتحدة وحياة هؤلاء الضحايا – رجالا ونساء وأطفالا – ليست أقل إنسانية من حياة أي شخص في هذا المجلس أو في أي دولة عضو بهذه المنظمة ولكن من خلال تقاعس هذا المجلس عومل هؤلاء الضحايا وكأنهم أقل إنسانية منا وأقل معاناة أو كأنهم يحزنون على فقدان أحبائهم بطريقة تختلف عنا.

وأضافت انه لا أحد يملك الحق لكي ينزع إنسانية أي شخص آخر بهذه الطريقة. والأحداث الأخيرة التي وقعت على حدود غزة تشكل انتهاكا لقواعد القانون الدولي الإنساني ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتغاضى عنها أو يتجاهلها. كما أن استمرار الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة يمثل تحدياً صارخاً للقانون الدولي وللعديد من قرارات مجلس الأمن.

وأعربت عن إيمان دولة الإمارات بحق كلا الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي بإقامة دولته وحذرت من أنه عندما يتم تجاهل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بشكل متكرر ويفقد أبرياء حياتهم بتهور وعنف فإن ذلك يؤدي إلى أضعاف نسيج القانون الدولي وإلى تقويض الإطار الدولي الذي يمكن من خلاله تحويل هذه الغاية إلى واقع قابل للتحقيق.

وتطرقت السفيرة نسيبة إلى الوضع السوري وإلى ما يعانيه الشعب السوري منذ سبع سنوات من هجمات الأسلحة الكيماوية وحرمان من الحصول على المعونات الإنسانية معتبرة هذه التصرفات بمثابة انتهاك جسيم للقانون الدولي، ودعت جميع أطراف النزاع إلى وقف مثل هذا السلوك ومحاسبة الجناة.. وأشارت إلى أنه وفي ضوء تقاعس مجلس الأمن عن اتخاذ إجراء بشأن سوريا فإن دولة الإمارات تؤكد على دعمها لمدونة السلوك الخاصة التي أطلقتها مجموعة المساءلة والاتساق والشفافية والتي تدعو أعضاء مجلس الأمن إلى عدم التصويت ضد أي مشروع قرار ذي مصداقية يهدف إلى منع أو وقف ارتكاب الفظائع الجماعية.

كما ألقت السفيرة نسيبة الضوء على الدور الإيراني السلبي قائلة: إننا نرى في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط استخفاف إيران بالقانون الدولي وبأنظمة عقوبات مجلس الأمن وذلك في إطار مساعيها لتنفيذ مخططها الإقليمي الرامي إلى بسط نفوذها في المنطقة. معتبره سلوك إيران بهذا الشأن بأنه يخالف المبدأ الأساسي للقانون الدولي المعني بعدم التدخل. ولفتت بشكل خاص إلى الدعم الذي تقدمه إيران للجماعات الإرهابية في المنطقة معتبره هذا التصرف بأنه مخالفة لعدة قرارات لمجلس الأمن. مضيفة ان الولايات المتحدة الأمريكية أدركت مؤخراً هذه الحقيقة وقررت على إثرها الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة وشددت على أهمية أن تطبق الدول الأخرى نفس المعايير على إيران.

واستعرضت سعادتها أيضا جانبا أخرا مهددا للأمن والسلم الدوليين وهي مسألة استمرار تمويل ودعم التطرف والإرهاب في المنطقة وحول العالم الأمر الذي اعتبرته تهديداً لسيادة القانون مشددة في هذا السياق على أهمية مساءلة جميع الدول التي تمارس مثل هذا السلوك وذلك في إطار قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بما في ذلك رصد التدفقات المالية. مشيرة إلى أنه إذا لم يقم المجتمع الدولي بإخضاعهم للمساءلة فإن للدول حقا سياديا في التصرف بشكل مستقل دفاعا عن أمنها وهو ما قمنا به وقام به الآخرون. مؤكدة على أن القواعد والمعايير التي يتكون منها إطار القانون الدولي تكتسب قوتها من التزام جميع الدول الأعضاء بالدفاع عنها والتمسك بها.

وجددت سعادتها استعداد الدولة للاضطلاع بدورها في تعزيز ركائز القانون الدولي، بما في ذلك تحسين جهودها لممارسة ما تنصح به الآخرين. وتعهدت في السياق نفسه بمواصلة دولة الإمارات بذل قصارى جهدنا في اليمن لضمان وصول المساعدات إلى من هم في أمس الحاجة اليها وذلك بالتزامن مع استمرار عملياتها لإعادة الاستقرار في اليمن بناء على طلب حكومتها الشرعية.

كما أيدت السفيرة نسيبة ما جاء في بيان رئيس جمهورية بولندا في مستهل اجتماع المجلس أمس والمعتبر “الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة يتضمن أفضل الوسائل المتاحة أمام المجتمع الدولي للتصرف في حالات الخلاف والصراعات الوشيكة”.

واختتمت بيانها مقترحة باسم دولة الإمارات بأن يطلب مجلس الأمن من الأمين العام إعداد تقرير عن الوسائل المختلفة لتسوية المنازعات التي تناولها هذا الفصل ليكون بمثابة المرجع الذي تعتمد عليه جميع الدول الأعضاء بحيث يتضمن هذا التقرير ثلاث عناصر وهي: الممارسات والوسائل التي تم استخدامها في التخفيف من حدة النزاعات التي عُرضت على الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى التابعة للأمم المتحدة وأيضا الدروس المستفادة من ممارسة هذه الوسائل في حل النزاعات الحالية والمستقبلية وأخيرا التوجيهات للدول الأعضاء بشأن كيفية تطبيق هذه الوسائل.