مشاركة

ترجمة غير رسمية

أصحاب المعالي والسعادة، السيدات والسادة… أتشرف اليوم برئاسة هذا الاجتماع وأود أن أتقدم بالشكر لأعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومقدمي الإحاطات، والضيوف الموقرين على حضورهم ومشاركتهم.

نجتمع اليوم في لحظة مهمة أصبحت فيها التوترات الجيوسياسية، تشكل تهديداً خطيراً على الأمن والسلم الدوليين. وفي الوقت نفسه، يجب على المجتمع الدولي عدم إغفال التحديات الكبرى، القائمة منها والناشئة والتي من شأنها تقويض الأمن حول العالم. وفي الواقع، أن مجلس الأمن قد أقر حقيقة أن تداعيات المناخ في عدد من الدول تعد مسائل ترتبط بالأمن والسلام.

ومن المحتمل أن تؤدي تلك التأثيرات إلى نزوح كبير، ومنافسة على الموارد. وفي حال لم يتم علاج المسألة، قد تتحول إلى مصدرٍ للعديد من النزاعات في المستقبل. علماً بأن أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، قد سلط الضوء على المخاطر المتزايدة لتأثيرات التغير المناخي، حيث يشير إلى أن ما يقارب من 3,6 مليار شخص، معرضون الآن بشكل كبير لتداعيات تغير المناخ وخاصة في الدول الهشة.

ويختتم التقرير وبشكلٍ حاسم وصولنا لآخر مراحل التكيّف، لا سيما في المناطق التي تعد أقل قدرةً على التأقلم وفي مقدمتها الدول التي تعاني من النزاعات، وكذلك الدول الجزرية الصغيرة النامية. بناءً على هذه الحقائق، يقدم التقرير خطة عمل توضح كيفية حماية المجتمعات الأكثر عرضةَ لتغير المناخ وبناء قدرتها على الصمود، كما يؤكد وجود بوادر مشجعة على إحراز تقدم في العمل المناخي والتي يمكن البناء عليها خلال الأشهر والسنوات القادمة.

والأهم من ذلك كله، أن الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف COP26 قد وضعت 90% من الاقتصاد العالمي في مسار تنموي نحو الحياد الكربوني. وفي هذا السياق، نحن بحاجة الآن وبشكل عاجل إلى تغيير مماثل بشأن التكيف مع تأثيرات تغير المناخ، خاصة في المجتمعات الأكثر عرضة لهذه التأثيرات.

ويعد تمويل العمل المناخي أحد أهم أدوات إدارة مخاطر تغير المناخ، إلا أن المجتمع الدولي لم يستطع حتى الآن الوفاء بتعهداته التي قدمها منذ أكثر من عقد من الزمان، بتوفير دعم بقيمة 100 مليار دولار سنوياً، لدعم جهود التصدي لتأثيرات التغير المناخي في الدول النامية.

وتؤكد العديد من الدول المدرجة على جدول أعمال مجلس الأمن، وكذلك الدول المتأثرة بارتفاع مستوى منسوب مياه البحر، أن حجم التمويل الذي تم تحديده لن يكون كافياً للحد من أخطار تأثيرات تغير المناخ. لذا، أود أن نُركز اليوم على الحلول المناخية التي تعزز السلم والأمن، وأن نناقش خيارات التمويل التي ستترجم الاستراتيجيات إلى نتائج على أرض الواقع. كما ينبغي أن تستند مناقشاتنا إلى قرارات وبيانات مجلس الأمن السابقة، بشأن التصدي لتداعيات تغير المناخ.

ويمثل توفير التمويل الكافي والمستدام أحد العوامل الرئيسية للاستمرار في جهود الحد من تداعيات تغير المناخ، كما يُعد الوصول إلى مصادر التمويل المضمونة أمراً بالغ الأهمية أيضاً.

ومن منطلق إيمانها الراسخ بأهمية تمويل العمل المناخي ومساهمته الفعالة في تمكين النمو الاقتصادي المستدام وتعزيز السلم والاستقرار الدوليين، تبنت دولة الإمارات منهجاً يعتمد على شراكات تُركز على تمويل المشاريع في الدول التي تعتبر أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ وذلك لإدراكها بأن تعزيز مرونة الاقتصاديات المحلية يسهم في تعزيز مرونة الاقتصاد العالمي.

وقدمت دولة الإمارات ما يزيد على مليار دولار من المساعدات لدعم العمل المناخي في أكثر من 40 دولة، مع التركيز على الدول الجزرية والدول الأقل نمواً. كما قدمت دولة الإمارات مساعدات تُقدر بمليارات الدولارات في السنوات الأخيرة، لدعم جهود الإغاثة من النزاعات والكوارث الناجمة بصورة رئيسية عن تداعيات تغير المناخ. وتؤكد هذه التجربة أن العالم يستطيع أن يوجه التمويل إلى القطاعات ذات الأولوية، مثل الأمن الغذائي والمائي، إذا نُظر إلى العمل المناخي كأحد وسائل تحقيق السلام والاستقرار الدوليين.

ويعد هذا أحد أهداف مبادرة “الابتكار الزراعي للمناخ”، التي أطلقتها دولة الإمارات العام الماضي بمشاركة 38 دولة، لتوسيع نطاق الاستثمارات في مختلف مجالات الابتكار الزراعي، بما يشمل البذور المقاومة للجفاف وتقنية الزراعة العمودية، والنظم الموفرة للمياه وغيرها.

وفيما يتعلق بتمويل المشاريع، فأود أن أوكد على الحاجة لتبني منهجية شاملة تٌركز على التمكين والإدماج الاقتصادي للمرأة وضمان مساهمة تمويل العمل المناخي في تحقيق التنمية المستدامة العادلة. وكما سمعنا بالأمس في المناقشة المفتوحة، تُعد المساواة بين الجنسين أحد أفضل الاستثمارات لتحقيق السلام والتعافي الاقتصادي. باختصار، يسهم التمويل العادل والمتوازن لمثل تلك المبادرات، في تعزيز مرونة المجتمعات على المدى القريب، ودعم وترسيخ السلام في المستقبل.

ندرك أن المناخ ليس دائماً عاملاً من عوامل الأمن، لكننا ندرك أيضاً أنه كلما استطعنا مواءمة استراتيجيات الأمن والمناخ في البلدان الأكثر عرضة لمخاطره، كلما زادت قدرتنا على الحد من هذه المخاطر، من خلال تعزيز المرونة وتسريع النمو الاقتصادي المستدام.

نحن نتطلع إلى المزيد من المناقشات البناءة والمثمرة في المستقبل، والتي تستند على التقدم الذي تم تحقيقه في مؤتمر الأطراف (COP26) في غلاسكو، وتزيد من زخم الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف (COP27)، وترفع سقف الطموحات قبل انطلاق الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف (COP28). وبصفتها الدولة المضيفة للدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف (COP28) في عام 2023، تلتزم دولة الإمارات بتطبيق نفس النهج التشاوري والشامل، مع التركيز على الحلول العملية.

وفي اجتماعنا اليوم، أدعوكم إلى ترجمة حماسنا للعمل المناخي، إلى حلول ملموسة يجعلها،من خلال التمويل المطلوب، قادرة على تمكين الجهود المبذولة من ضمان التقدم في مجال المناخ، وفي تعزيز السلام والأمن الدوليين.

وشكراً.